فصل: (تابع: حرف الميم)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لسان العرب ***


‏[‏تابع‏:‏ حرف الميم‏]‏

حظم‏:‏ الأزهري‏:‏ قال أبو تراب‏.‏ سمعت بعض بني سُلَيْمٍ يقول

حَمَزَهُ وحمظهُ أي عصره، وجاء به في باب الظاء والزاي‏.‏

حقم‏:‏ الحَقْمُ‏:‏ ضَرْبٌ من الطير يشبه الحمام، وقيل‏:‏ هو الحمام يمانية‏.‏

والحَقِيمانِ‏:‏ مؤخر العينين مما يلي الصدْغَيْنِ‏.‏

حكم‏:‏ الله سبحانه وتعالى أَحْكَمُ الحاكمِينَ، وهو الحَكِيمُ له

الحُكْمُ، سبحانه وتعالى‏.‏ قال الليث‏:‏ الحَكَمُ الله تعالى‏.‏ الأَزهري‏:‏ من صفات الله الحَكَمُ والحَكِيمُ والحاكِمُ، ومعاني هذه الأَسماء متقارِبة، والله أعلم بما أَراد بها، وعلينا الإيمانُ بأَنها من أَسمائه‏.‏ ابن الأَثير‏:‏ في أَسماء الله تعالى الحَكَمُ والحَكِيمُ وهما بمعنى الحاكِم، وهو القاضي، فَهو فعِيلٌ بمعنى فاعَلٍ، أو هو الذي يُحْكِمُ الأَشياءَ ويتقنها، فهو فَعِيلٌ بمعنى مُفْعِلٍ، وقيل‏:‏ الحَكِيمُ ذو الحِكمة، والحَكْمَةُ عبارة

عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم‏.‏ ويقال لمَنْ يُحْسِنُ دقائق

الصِّناعات ويُتقنها‏:‏ حَكِيمٌ، والحَكِيمُ يجوز أن يكون بمعنى الحاكِمِ مثل

قَدِير بمعنى قادر وعَلِيمٍ بمعنى عالِمٍ‏.‏ الجوهري‏:‏ الحُكْم الحِكْمَةُ من العلم، والحَكِيمُ العالِم وصاحب الحِكْمَة‏.‏ وقد حَكُمَ أي صار حَكِيماً؛ قال النَّمِرُ بن تَوْلَب‏:‏

وأَبْغِض بَغِيضَكَ بُغْضاً رُوَيْداً، إذا أنتَ حاوَلْتَ أن تَحْكُما

أي إذا حاوَلتَ أن تكون حَكيِماً‏.‏ والحُكْمُ‏:‏ العِلْمُ والفقه؛ قال الله تعالى‏:‏ وآتيناه الحُكْمَ صَبِيّاً، أي علماف وفقهاً، هذا لِيَحْيَى بن زَكَرِيَّا؛ وكذلك قوله‏:‏

الصَّمْتُ حُكْمٌ وقليلٌ فاعِلُهْ

وفي الحديث‏:‏ إنَّ من الشعر لحُكْماً أي إِن في الشعر كلاماً نافعاً يمنع

من الجهل والسَّفَهِ ويَنهى عنهما، قيل‏:‏ أراد بها المواعظ والأمثال التي

ينتفع الناس بها‏.‏ والحُكْمُ‏:‏ العِلْمُ والفقه والقضاء بالعدل، وهو مصدر

حَكَمَ يَحْكُمُ، ويروى‏:‏ إن من الشعر لحِكْمَةً، وهو بمعنى الحُكم؛ ومنه

الحديث‏:‏ الخِلافةُ في قُرَيش والحُكْمُ في الأنصار؛ خَصَّهُم بالحُكْمِ

لأن أكثر فقهاء الصحابة فيهم، منهم مُعاذُ ابن جَبَلٍ وأُبَيّ بن كَعْبٍ

وزيد بن ثابت وغيرهم‏.‏ قال الليث‏:‏ بلغني أنه نهى أن يُسَمَّى الرجلُ

حكِيماً، قال الأزهري‏:‏ وقد سَمَّى الناسُ حَكيماً

وحَكَماً، قال‏:‏ وما علمتُ النَّهي عن التسمية بهما صَحيحاً‏.‏ ابن الأثير‏:‏

وفي حديث أبي شُرَيْحٍ أنه كان يكنى أبا الحَكَمِ فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن الله هو الحَكَمُ، وكناه بأَبي

شُرَيْحٍ، وإنما كَرِه له ذلك لئلا يُشارِكَ الله في صفته؛ وقد سَمّى الأَعشى

القصيدة المُحْكمَةَ حَكِيمَةً فقال‏:‏

وغَريبَةٍ، تأْتي المُلوكَ، حَكِيمَةٍ، قد قُلْتُها ليُقالَ‏:‏ من ذا قالَها‏؟‏

وفي الحديث في صفة القرآن‏:‏ وهو الذِّكْرُ الحَكِيمُ أي الحاكِمُ لكم

وعليكم، أو هو المُحْكَمُ الذي لا اختلاف فيه ولا اضطراب، فَعِيلٌ بمعنى

مُفْعَلٍ، أُحْكِمَ فهو مُحْكَمٌ‏.‏ وفي حديث ابن عباس‏:‏

قرأْت المُحْكَمَ على عَهْدِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ يريد

المُفَصَّلَ من القرآن لأنه لم يُنْسَخْ منه شيء، وقيل‏:‏ هو ما لم يكن متشابهاً

لأنه أُحْكِمَ بيانُه بنفسه ولم يفتقر إلى غيره، والعرب تقول‏:‏ حَكَمْتُ

وأَحْكَمْتُ وحَكَّمْتُ بمعنى مَنَعْتُ ورددت، ومن هذا قيل للحاكم بين

الناس حاكِمٌ، لأنه يَمْنَعُ الظالم من الظلم‏.‏ وروى المنذري عن أَبي طالب

أنه قال في قولهم‏:‏ حَكَمَ الله بيننا؛ قال الأصمعي‏:‏ أصل الحكومة رد الرجل

عن الظلم، قال‏:‏ ومنه سميت حَكَمَةُ اللجام لأَنها تَرُدُّ الدابة‏؟‏ ومنه

قول لبيد‏:‏

أَحْكَمَ الجِنْثِيُّ من عَوْراتِها

كلَّ حِرْباءٍ، إذا أُكْرِهَ صَلّ

والجِنْثِيُّ‏:‏ السيف؛ المعنى‏:‏ رَدَّ السيفُ عن عَوْراتِ الدِّرْعِ وهي فُرَجُها كلَّ حِرْباءٍ، وقيل‏:‏ المعنى أَحْرَزَ الجِنثيُّ وهو الزَّرَّادُ

مساميرها، ومعنى الإحْكامِ حينئذ الإحْرازُ‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ الحُكْمُ

القَضاء، وجمعه أَحْكامٌ، لا يكَسَّر على غير ذلك، وقد حَكَمَ عليه بالأمر

يَحْكُمُ حُكْماً وحُكومةً وحكم بينهم كذلك‏.‏ والحُكْمُ‏:‏ مصدر قولك حَكَمَ

بينهم يَحْكُمُ أي قضى، وحَكَمَ له وحكم عليه‏.‏ الأزهري‏:‏ الحُكْمُ القضاء

بالعدل؛ قال النابغة‏:‏

واحْكمْ كحكْمِ فَتَاةِ الحَيِّ، إذ نَظَرَتْ

إلى حَمامٍ سِراعٍ وارد الثَّمَدِ‏.‏

وحكى يعقوب عن الرُّواةِ أن معنى هذا البيت‏:‏

كُنْ حَكِيماً كفتاة الحي أي إذا قلت فأَصِبْ كما أصابت هذه المرأَة، إذ

نظَرَتْ إلى الحمامِ فأَحْصَتْها ولم تُخْطِئ عددها؛ قال‏:‏ ويَدُلُّكَ

على أن معنى احْكُمْ كُنْ حَكِيماً قولُ النَّمر بن تَوْلَب‏:‏

إذا أنتَ حاوَلْتَ أن تَحْكُما

يريد إذا أَردت أن تكون حَكِيماً فكن كذا، وليس من الحُكْمِ في القضاء

في شيء‏.‏ والحاكِم‏:‏ مُنَفّذُ الحُكْمِ، والجمع حُكّامٌ، وهو الحَكَمُ‏.‏

وحاكَمَهُ إلى الحَكَمِ‏:‏ دعاه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ وبكَ حاكَمْتُ أي رَفَعْتُ

الحُكمَ إليك ولا حُكْمَ إلا لك، وقيل‏:‏ بكَ خاصمْتُ في طلب الحُكْمِ وإبطالِ من نازَعَني في الدِّين، وهي مفاعلة من الحُكْمِ‏.‏

وحَكَّمُوهُ بينهم‏:‏ أمروه أن يَحكمَ‏.‏ ويقال‏:‏ حَكَّمْنا فلاناً فيما

بيننا أي أَجَزْنا حُكْمَهُ بيننا‏.‏ وحَكَّمَهُ في الأمر فاحْتَكَمَ‏:‏ جاز فيه

حُكْمُه، جاء فيه المطاوع على غير بابه والقياس فَتَحَكَّمَ، والاسم

الأُحْكُومَةُ والحُكُومَةُ؛ قال‏:‏

ولَمِثْلُ الذي جَمَعْتَ لرَيْبِ الـ *** ـدَّهْرِ يَأْبى حُكومةَ المُقْتالِ

يعني لا يَنْفُذُ حُكومةُ من يَحْتَكِمُ عليك من الأَعداء، ومعناه يأْبى

حُكومةَ المُحْتَكِم عليك، وهو المُقْتال، فجعل المُحْتَكِمَ

المُقْتالَ، وهو المُفْتَعِلُ من القول حاجة منه إلى القافية، ويقال‏:‏ هو كلام

مستعمَلٌ، يقال‏:‏ اقْتَلْ عليَّ أي احْتَكِمْ، ويقال‏:‏ حَكَّمْتُه في مالي إذا

جعلتَ إليه الحُكْمَ فيه فاحْتَكَمَ عليّ في ذلك‏.‏ واحْتَكَمَ فلانٌ في مال

فلان إذا جاز فيه حُكْمُهُ‏.‏ والمُحاكَمَةُ‏:‏ المخاصمة إلى الحاكِمِ‏.‏

واحْتَكَمُوا إلى الحاكِمِ وتَحاكَمُوا بمعنى‏.‏ وقولهم في المثل‏:‏ في بيته

يُؤْتَى الحَكَمُ؛ الحَكَمُ، بالتحريك‏:‏ الحاكم؛ وأَنشد ابن بري‏:‏

أَقادَتْ بَنُو مَرْوانَ قَيْساً دِماءَنا، وفي الله، إن لم يَحْكُمُوا، حَكَمٌ عَدْلُ

والحَكَمَةُ‏:‏ القضاة‏.‏ والحَكَمَةُ‏:‏ المستهزئون‏.‏ ويقال‏:‏ حَكَّمْتُ فلاناً

أي أطلقت يده فيما شاء‏.‏ وحاكَمْنا فلاناً إلى الله أي دعوناه إلى حُكْمِ الله‏.‏ والمُحَكَّمُ‏:‏ الشاري‏.‏ والمُحَكَّمُ‏:‏ الذي يُحَكَّمُ في نفسه‏.‏ قال الجوهري‏:‏ والخَوارِج يُسَمَّوْنَ المُحَكِّمَةَ لإنكارهم أمر

الحَكَمَيْن وقولِهِمْ‏:‏ لا حُكْم إلا لله‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ وتحْكِيمُ الحَرُوريَّةِ

قولهم لا حُكْمَ إلا الله ولا حَكَمَ إلا اللهُ، وكأَن هذا على السَّلْبِ

لأَنهم ينفون الحُكْمَ؛ قال‏:‏

فكأَني، وما أُزَيِّنُ منها، قَعَدِيٌّ يُزَيِّنُ التَّحْكيما‏.‏

وقيل‏:‏ إنما بدءُ ذلك في أمر عليّ، عليه السلام، ومعاوِيةَ‏.‏ والحَكَمان‏:‏

أَبو موسى الأَشعريُّ وعمرو ابن العاص‏.‏ وفي الحديث‏:‏ إن الجنة

للمُحَكّمين، ويروى بفتح الكاف وكسرها، فالفتح هم الذين يَقَعُون في يد العدو

فيُنَحيَّرُونَ بين الشِّرْك والقتل فيختارون القتل؛ قال الجوهري‏:‏ هم قوم من أَصحاب الأُخْدودِ فُعِل بهم ذلك، حُكِّمُوا وخُيِّروا بين القتل والكفر، فاختاروا الثَّبات على الإسلام مع القتل، قال‏:‏ وأما الكسر فهو المُنْصِفُ

من نفسه؛ قال ابن الأَثير‏:‏ والأَول الوجه؛ ومنه حديث كعب‏:‏

إن في الجنة داراً، ووصفها ثم قال‏:‏ لا يَنْزِلُها إلا نبي أو صِدِّيق أو

شَهيد أو مُحَكَّمٌّ في نفسه‏.‏ ومُحَكَّم اليَمامَةِ رجل قتله خالد بن الوليد يوم مُسَيْلِمَةَ‏.‏ والمْحَكَّمُ، بفتح الكاف، الذي في شعر

طَرَفَةَ إذ يقول‏:‏

ليت المُحَكَّمَ والمَوْعُوظَ صوتَكُما

تحتَ التُّرابِ، إذا ما الباطِلُ انْكشفا‏.‏

هو الشيخ المُجَرّبُ المنسوب إلى الحِكْمة‏.‏ والحِكْمَةُ‏:‏ العدل‏.‏ ورجل

حَكِيمٌ‏:‏ عدل حكيم‏.‏ وأَحْكَمَ الأَمر‏:‏ أتقنه، وأَحْكَمَتْه التجاربُ على

المَثَل، وهو من ذلك‏.‏ ويقال للرجل إذا كان حكيماً‏:‏ قد أَحْكَمَتْه

التجارِبُ‏.‏ والحكيم‏:‏ المتقن للأُمور، واستعمل ثعلب هذا في فرج المرأَة فقال‏:‏

المكَثَّفَة من النساء المحكمة الفرج، وهذا طريف جدّاً‏.‏

الأزهري‏:‏ وحَكَمَ الرجلُ يَحْكُمُ حُكْماً إذا بلغ النهاية في معناه

مدحاً لازماً؛ وقال مرقش‏:‏

يأْتي الشَّبابُ الأَقْوَرينَ، ولا

تَغْبِطْ أَخاك أن يُقالَ حَكَمْ

أي بلغ النهاية في معناه‏.‏

أبو عدنان‏:‏ اسْتَحْكَمَ الرجلُ إذا تناهى عما يضره في دِينه أو دُنْياه؛ قال ذو الرمة‏:‏

لمُسْتَحْكِمٌ جَزْل المُرُوءَةِ مؤمن من القوم، لا يَهْوى الكلام اللَّواغِيا

وأَحْكَمْتُ الشيء فاسْتَحْكَمَ‏:‏ صار مُحْكَماً‏.‏ واحْتَكَمَ الأمرُ

واسْتَحْكَمَ‏:‏ وثُقَ‏.‏ الأَزهري‏:‏ وقوله تعالى‏:‏ كتاب أُحْكِمَتْ آياته

فُصِّلَتْ من لَدُنْ حَكيم خبير؛ فإن التفسير جاء‏:‏ أُحْكِمَتْ آياته بالأمر

والنهي والحلالِ والحرامِ ثم فُصِّلَتْ بالوعد والوعيد، قال‏:‏ والمعنى، والله أعلم، أن آياته أُحْكِمَتْ وفُصِّلَتْ بجميع ما يحتاج إليه من الدلالة على

توحيد الله وتثبيت نبوة الأنبياء وشرائع الإسلام، والدليل على ذلك قول الله عز وجل‏:‏ ما فرَّطنا في الكتاب من شيء؛ وقال بعضهم في قول الله تعالى‏:‏

الر تلك آيات الكتاب الحَكِيم؛ إنه فَعِيل بمعنى مُفْعَلٍ، واستدل بقوله

عز وجل‏:‏ الر كتاب أُحْكِمَتْ آياته؛ قال الأزهري‏:‏ وهذا إن شاء الله كما قِيل، والقرآنُ يوضح بعضُه بعضاً، قال‏:‏ وإنما جوزنا ذلك وصوبناه لأن حَكَمْت يكون بمعنى أَحْكَمْتُ فَرُدَّ إلى الأصل، والله أعلم‏.‏ وحَكَمَ

الشيء وأَحْكَمَهُ، كلاهما‏:‏ منعه من الفساد‏.‏ قال الأزهري‏:‏ وروينا عن إبراهيم

النخعي أنه قال‏:‏ حَكِّم اليَتيم كما تُحكِّمُ ولدك أي امنعه من الفساد

وأصلحه كما تصلح ولدك وكما تمنعه من الفساد، قال‏:‏ وكل من منعته من شيء فقد

حَكَّمْتَه وأحْكَمْتَهُ، قال‏:‏ ونرى أن حَكَمَة الدابة سميت بهذا المعنى

لأنها تمنع الدابة من كثير من الجَهْل‏.‏ وروى شمرٌ عن أبي سعيد الضّرير

أنه قال في قول النخعي‏:‏ حَكِّمِ اليَتيم كما تُحكِّمُ ولدك؛ معناه

حَكِّمْهُ في ماله ومِلْكِه إذا صلح كما تُحكِّمُ ولدك في مِلْكِه، ولا يكون

حَكَّمَ بمعنى أَحْكَمَ لأنهما ضدان؛ قال الأَزهري‏:‏ وقول أبي سعيد الضرير ليس

بالمرضي‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ حَكَمَ فلانٌ عن الأمر والشيء أي رجع، وأَحْكَمْتُه أنا أي رَجَعْتُه، وأَحْكَمه هو عنه رَجَعَهُ؛ قال جرير‏:‏

أَبَني حنيفةَ، أَحْكِمُوا سُفَهاءَكم، إني أَخافُ عليكمُ أَن أَغْضَبا

أي رُدُّوهم وكُفُّوهُمْ وامنعوهم من التعرّض لي‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ جعل ابن الأعرابي حَكَمَ لازماً كما ترى، كما يقال رَجَعْتُه فرَجَع ونَقَصْتُه

فنَقَص، قال‏:‏ وما سمعت حَكَمَ بمعنى رَجَعَ لغير ابن الأَعرابي، قال‏:‏ وهو الثقة المأْمون‏.‏ وحَكَمَ الرجلَ وحَكَّمَه وأَحْكَمَهُ‏:‏ منعه مما يريد‏.‏

وفي حديث ابن عباس‏:‏ كان الرجل يَرِثُ امرأَةً ذاتَ قاربة فيَعْضُلُها حتى

تموتَ أو تَرُدَّ إليه صداقها، فأَحْكَمَ الله عن ذلك ونهى عنه أي

مَنَعَ منه‏.‏ يقال‏:‏ أَحْكَمْتُ فلاناً أي منعته، وبه سُمِّيَ الحاكمُ لأنه يمنع

الظالم، وقيل‏:‏ هو من حَكَمْتُ الفَرسَ وأَحْكَمْتُه وحَكَّمْتُه إذا

قَدَعْتَهُ وكَفَفْتَه‏.‏ وحَكَمْتُ السَّفِيه وأَحْكَمْتُه إذا أَخذت على

يده؛ ومنه قول جرير‏:‏

أَبَني حنيفة، أحْكِمُوا سُفهاءكم

وحَكَمَةُ اللجام‏:‏ ما أَحاط بحَنَكَي الدابة، وفي الصحاح‏:‏ بالحَنَك، وفيها العِذاران، سميت بذلك لأنها تمنعه من الجري الشديد، مشتق من ذلك، وجمعه حَكَمٌ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ وأَنا آخذ بحَكَمَة فرسه أي بلجامه‏.‏ وفي الحديث‏:‏

ما من آدميّ إلا وفي رأْسه حَكَمَةٌ، وفي رواية‏:‏ في رأْس كل عبد حَكَمَةٌ

إذا هَمَّ بسيئةٍ، فإن شاء الله تعالى أن يَقْدَعَه بها قَدَعَه؛ والحَكَمَةُ‏:‏ حديدة في اللجام تكون على أنف الفرس وحَنَكِهِ تمنعه عن مخالفة

راكبه، ولما كانت الحَكَمَة تأْخذ بفم الدابة وكان الحَنَكُ متَّصلاً بارأْس

جعلها تمنع من هي في رأْسه كما تمنع الحَكَمَةُ الدابة‏.‏ وحَكَمَ الفرسَ

حَكْماً وأَحْكَمَهُ بالحَكَمَةِ‏:‏ جعل للجامه حَكَمَةً، وكانت العرب

تتخذها من القِدِّ والأَبَقِ لأن قصدهم الشجاعةُ لا الزينة؛ قال زهير‏:‏

القائد الخَيْلَ مَنْكوباً دوائرُها، قد أُحْكِمَتْ حَكَمات القِدِّ والأَبَقا

يريد‏:‏ قد أُحْكِمَتْ بحَكَماتِ القِدِّ وبحَكَماتِ الأَبَقِ، فحذف

الحَكَمات وأَقامَ الأَبَقَ مكانها؛ ويروى‏:‏

مَحْكومَةً حَكَماتِ القِدِّ والأبَقا

على اللغتين جميعاً؛ قال أبو الحسن‏:‏ عَدَّى قد أُحْكِمَتْ لأن فيه معنى

قُلِّدَتْ وقُلِّدَتْ متعدّية إلى مفعولين‏.‏ الأزهري‏:‏ وفرس مَحْكومةٌ في رأْسها حَكَمَةٌ؛ وأنشد‏:‏

مَحْكومة حَكَمات القِدِّ والأبقا

وقد رواه غيره‏:‏ قد أُحْكِمَتْ، قال‏:‏ وهذا يدل على جواز حَكَمْتُ الفرس

وأَحْكَمْتُه بمعنى واحد‏.‏ ابن شميل‏:‏ الحَكَمَةُ حَلْقَةٌ تكون في فم

الفرس‏.‏ وحَكََمَةُ الإنسان‏:‏ مقدم وجهه‏.‏ ورفع الله حَكَمَتَةُ أي رأْسه وشأْنه‏.‏

وفي حديث عمر‏:‏ إن العبد إذا تواضع رفع اللهُ حَكَمَتَهُ أي قدره

ومنزلته‏.‏ يقال‏:‏ له عندنا حَكَمَةٌ أي قدر، وفلان عالي الحَكَمَةِ، وقيل‏:‏

الحَكَمَةُ من الإنسان أسفل وجهه، مستعار من موضع حَكَمَةِ اللجام، ورَفْعُها

كناية عن الإعزاز لأَن من صفة الذَّليل تنكيسَ رأْسه‏.‏ وحَكَمة الضائنة‏:‏

ذَقَنُها‏.‏

الأزهري‏:‏ وفي الحديث‏:‏ في أَرْش الجِراحات الحُكومَةُ؛ ومعنى الحُكومة في أَرش الجراحات التي ليس فيها دِيَةٌ معلومة‏:‏ أن يُجْرَحَ الإنسانُ في موضع في بَدَنه يُبْقِي شَيْنَهُ ولا يُبْطِلُ العُضْوَ، فيَقْتاس الحاكم

أَرْشَهُ بأن يقول‏:‏ هذا المَجْروح لو كان عبداً غير مَشينٍ هذا الشَّيْنَ

بهذه الجِراحة كانت قيمتُه ألفَ دِرْهمٍ، وهو مع هذا الشين قيمتُه

تِسْعُمائة درهم فقد نقصه الشَّيْنُ عُشْرَ قيمته، فيجب على الجارح عُشْرُ

دِيَتِه في الحُرِّ لأن المجروح حُرٌّ، وهذا وما أَشبهه بمعنى الحكومة التي

يستعملها الفقهاء في أَرش الجراحات، فاعْلَمْه‏.‏

وقد سَمَّوْا حَكَماً وحُكَيْماً وحَكِيماً وحَكّاماً وحُكْمان‏.‏

وحَكَمٌ‏:‏ أبو حَيٍّ من اليمن‏.‏ وفي الحديث‏:‏ شَفاعَتي لأهل الكبائر من أُمتي حتى

حَكَم وحاءَ؛ وهما قبيلتان جافِيتان من وراء رمل يَبرين‏.‏

حلم‏:‏ الحُلْمُ والحُلُم‏:‏ الرُّؤْيا، والجمع أَحْلام‏.‏ يقال‏:‏ حَلم يَحْلُمُ إذا رأَى في المَنام‏.‏ ابن سيده‏:‏ حَلَمَ في نومه يَحْلُمُ حُلُماً

واحْتَلَم وانْحَلَمَ؛ قال بشر بن أبي خازم‏:‏

أَحَقٌّ ما رأَيتَ أمِ احْتِلامُ‏؟‏

ويروى أم انْحِلامُ‏.‏ وتَحَلَّمَ الحُلْمَ‏:‏ استعمله‏.‏ وحَلَمَ به وحَلم عنه وتَحَلَّم عنه‏:‏ رأَى له رُؤْيا أو رآه في النوم‏.‏ وفي الحديث‏:‏ من تَحَلَّم ما لم يَحْلُمْ كُلِّفَ أنْ يَعقِدَ بين شَعيرتين، أي قال إنه رأى

في النوم ما لم يَرَهُ‏.‏ وتَكَلَّفَ حُلُماً‏:‏ لم يَرَه‏.‏ يقال‏:‏ حَلَم، بالفتح، إذا رأَى، وتَحَلَّم إذا ادعى الرؤْيا كاذباً، قال‏:‏ فإن قيل كَذِبُ

الكاذِبِ في منامِه لا يزيد على كَذبه في يَقَظَتِه، فلِمَ زادَتْ عُقوبته

ووعيده وتَكليفه عَقْدَ الشعيرتين‏؟‏ قيل‏:‏ قد صح الخَبَرُ أَن الرؤيا

الصادقة جُزْءٌ من النُّبُوَّة، والنبوةُ لا تكون إلاَّ وَحْياً، والكاذب في رؤياه يَدَّعِي أن الله تعالى أراه ما لم يُرِهِ، وأَعطاه جزءاً من النبوة

ولم يعطه إياه، والكذِبُ على الله أَعظم فِرْيَةً ممن كذب على الخلق أو

على نفسه‏.‏ والحُلْمُ‏:‏ الاحتلام أيضاً، يجمع على الأحْلامِ‏.‏ وفي الحديث‏:‏

الرؤيا من الله والحُلْمُ من الشيطان، والرؤيا والحُلْمُ عبارة عما يراه

النائم في نومه من الأَشياء، ولكن غَلَبت الرؤيا على ما يراه من الخير

والشيء الحسن، وغلب الحُلْمُ على ما يراه من الشر والقبيح؛ ومنه قوله‏:‏

أَضْغاثُ أَحْلامٍ، ويُستعمل كلُّ واحد منهما موضع الآخر، وتُضَم لامُ

الحُلُمِ وتسكن‏.‏ الجوهري‏:‏ الحُلُمُ، بالضم، ما يراه النائم‏.‏ وتقول‏:‏ حَلَمْتُ

بكذا وحَلَمْتُه أيضاً؛ قال‏:‏

فَحَلَمْتُها وبنُو رُفَيْدَةَ دونها، لا يَبْعَدَنَّ خَيالُها المَحْلُومُ‏.‏

ويقال‏:‏ قد حَلَم الرجلُ بالمرأَة إذا حَلَم في نومه أنه يباشرها، قال‏:‏

وهذا البيت شاهد عليه‏.‏ وقال ابن خالوَيْه‏:‏ أَحْلامُ نائمٍ ثِيابٌ غِلاظٌ‏.‏ والحُلْم والاحْتِلامُ‏:‏ الجِماع

ونحوه في النوم، والاسم الحُلُم‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ لم يبلغوا

الحُلُمَ؛ والفِعْل كالفِعْل‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر

مُعاذاً أن يأْخذ من كل حالِمٍ ديناراً يعني الجزية؛ قال أَبو الهيثم‏:‏ أراد

بالحالِمِ كلَّ من بَلَغَ الحُلُمَ وجرى عليه حُكْمُ الرجال، احتَلم أو لم يَحْتَلِم‏.‏ وفي الحديث‏:‏ الغُسْلُ يومَ الجمعة واجب على كل حالم إنما هو على من بلغ الحُلُم أي بلغ أن يَحْتَلم أو احْتَلَم قبل ذلك، وفي رواية‏:‏ مُحْتَلِمٍ أي بالغ مُدْرِك‏.‏

والحِلْمُ، بالكسر‏:‏ الأَناةُ والعقل، وجمعه أَحْلام وحُلُومٌ‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ أمْ تَأْمُرُهُم أَحْلامُهم بهذا؛ قال جرير‏:‏

هَلْ مِنْ حُلُومٍ لأَقوامٍ، فَتُنْذِرَهُم

ما جَرَّبَ الناسُ من عَضِّي وتَضْرِيسي‏؟‏

قال ابن سيده‏:‏ وهذا أحد ما جُمِعَ من المصادر‏.‏ وأَحْلامُ القوم‏:‏

حُلَماؤهم، ورجل حَلِيمٌ من قوم أَحْلامٍ وحُلَماء، وحَلُمَ، بالضم، يحْلم حِلْماً‏:‏ صار حَليماً، وحلُم عنه وتَحَلَّم سواء‏.‏ وتَحَلَّم‏:‏ تكلف الحِلْمَ؛ قال‏:‏

تَحَلَّمْ عن الأدْنَيْنَ واسْتَبْقِ وُدَّهم، ولن تستطيعَ الحِلْمَ حتى تَحَلَّما

وتَحالَم‏:‏ أَرَى من نفسه ذلك وليس به‏.‏ والحِلْم‏:‏ نقيضُ السَّفَه؛ وشاهدُ

حَلُمَ الرجُلُ، بالضم، قولُ عبد الله بن قَيْس الرُّقَيَّات‏:‏

مُجَرَّبُ الحَزْمِِ في الأُمورِ، وإن خَفَّتْ حُلُومٌ بأَهلِها حَلُمَا

وحَلَّمه تَحليماً‏:‏ جعله حَلِيماً؛ قال المُخَبَّل السعدي‏:‏

ورَدُّوا صُدورَ الخَيْل حتى تَنَهْنَهَتْ

إلى ذي النُّهَى، واسْتَيْدَهُوا للمُحَلم أي أَطاعوا الذي يأْمرهم بالحِلْمِ، وقيل‏:‏ حَلَّمه أمره بالحِلْمِ‏.‏ وفي حديث

النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الجماعة‏:‏ لِيَلِيَنِّي منكم أُولوا

الأَحْلام والنُّهَى أي ذوو الألباب والعقول، واحدها حِلْمٌ، بالكسر، وكأَنه

من الحِلْم الأَناة والتثبُّت في الأُمور، وذلك من شِعار العقلاء‏.‏

وأَحْلَمَت المرأَةُ إذا ولدت الحُلَماء‏.‏

والحَلِيمُ في صفة الله عز وجل‏:‏ معناه الصَّبور، وقال‏:‏ معناه أنه الذي

لا يسْتَخِفُّهُ عِصْيان العُصاة ولا يستفِزّه الغضب عليهم، ولكنه جعل لكل

شيءٍ مِقْداراً، فهو مُنْتَهٍ إليه‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ إنك لأنت الحَلِيمُ

الرَّشِيدُ؛ قال الأَزهري‏:‏ جاء في التفسير أَنه كِنايةٌ عن أَنهم قالوا إنك

لأَنتَ السَّفِيهُ الجاهل، وقيل‏:‏ إنهم قالوه على جهة الاستهزاء؛ قال ابن عرفة‏:‏ هذا من أَشدّ سِباب العرب أن يقول الرجل لصاحبه إذا استجهله يا

حَلِيمُ أَي أنت عند نفسك حَلِيمٌ وعند الناس سَفِيهٌ؛ ومنه قوله عز وجل‏:‏

ذُقْ إنك أنت العزيز الكريم؛ أي بزعمك وعند نفسك وأَنتَ المَهِينُ

عندنا‏.‏ بن سيده‏:‏ الأَحْلامُ الأَجسام، قال‏:‏ لا أعرف واحدها‏.‏

والحَلَمَةُ‏:‏ الصغيرة من القِرْدانِ، وقيل‏:‏ الضخم منها، وقيل‏:‏ هو آخر

أَسنانها، والجمع الحَلَمُ وهو مثل العَلّ‏؟‏‏؟‏، وفي حديث ابن عمر‏:‏ أَنه كان

يَنْهَى أن تُنْزَع الحَلَمَةُ عن دابته؛ الحَلَمَةُ، بالتحريك‏:‏ القرادة

الكبيرة‏.‏ وحَلِمَ البعيرُ حَلَماً، فهو حَلِمٌ‏:‏ كثر عليه الحَلَمُ، وبعِير

حَلِمٌ‏:‏ قد أفسده الحَلَمُ من كثرتها عليه‏.‏ الأصمعي‏:‏ القرادُ أَوّل ما يكونُ صغيراً قَمْقامَةٌ، ثم يصير حَمْنانةً، ثم يصير قُراداً، ثم حَلَمَة‏.‏

وحَلَّمْتُ البعير‏:‏ نزعت حَلَمَهُ‏.‏ ويقال‏:‏ تَحَلَّمَتِ القِرْبةُ امتلأت

ماء، وحَلَّمْتُها ملأْتها‏.‏ وعَناقٌ حَلِمة وتِحْلِمَةٌ‏:‏ قد أَفسد جلدَها الحَلَمُ، والجمع الحُلاَّمُ‏.‏ وحَلَّمَهُ‏:‏ نزع عنه الحَلَمَ، وخصصه الأزهري فقال‏:‏

وحَلَّمْتُ الإبل أخذت عنها الحَلَم، وجماعة تِحْلِمَةٌ تَحالِمُ‏:‏ قد كثر الحَلم عليها‏.‏

والحَلَمُ، بالتحريك‏:‏ أن يَفْسُد الإهابُ في العمل ويقعَ فيه دود

فيَتَثَقَّبَ، تقول منه‏:‏ حَلِمَ، بالكسر‏.‏

والحَلَمَةُ‏:‏ دودة تكون بين جلد الشاة الأَعلى وجلدها الأسفل، وقيل‏:‏

الحَلَمةُ دودة تقع في الجلد فتأْكله، فإذا دُبغَ وَهَي موضعُ الأَكل فبقي

رقيقاً، والجمع من ذلك كلِّه حَلَمٌ، تقول منه‏:‏ تَعَيَّب الجلدُ وحَلم الأَديمُ يَحْلَمُ حَلَماً؛ قال الوَليد بن عُقْبَةَ ابن أبي عُقْبَةَ‏.‏ من أبيات يَحُضُّ فيها

مُعاوية على قتال عليّ، عليه السلام، ويقول له‏:‏ أنتَ تسعى في إصلاح أمر قد

تمَّ فسادُه، كهذه المرأَة التي تَدْبُغُ الأَديم الحَلِمَ الذي وقعت فيه

الحَلَمَةُ، فنَقَّبَته وأفسدته فلا ينتفع به‏:‏

أَلا أَبْلِغْ معاوِيةَ بنَ حَرْبٍ

بأَنَّكَ، من أَخي ثِقَةٍ، مُلِيمُ

قطعتَ الدَّهْرَ كالسَّدِم المُعَنَّى، تُهَدِّرُ في دِمَشْق وما تَرِيمُ

فإنَّكَ والكتابَ إلى عليٍ، كدابِغةٍ وقد حَلِمَ الأَدِيمُ

لكَ الوَيْلاتُ، أقْحِمْها عليهم، فخير الطالِبي التِّرَةِ الغَشُومُ

فقَوْمُكُ بالمدينة قد تَرَدَّوْا، فَهُمْ صَرْعى كأَنَّهُمُ الهَشِيمُ

فلو كنتَ المُصابَ وكان حَيّاً، تَجَرَّدَ لا أَلَفُّ ولا سَؤْومُ

يُهَنِّيكَ الإمارةَ كلُّ رَكْبٍ

من الآفاق، سَيْرُهُمُ الرَّسِيمُ

ويروى‏:‏

يُهَنِّيك الإمارةَ كلُّ ركبٍ، لانْضاءِ الفِراقِ بهم رَسِيمُ

قال أبو عبيد‏:‏ الحَلَمُ أن يقع في الأَديم دوابُّ فلم يَخُصَّ الحَلَم؛ قال ابن سيده‏:‏ وهذا منه إغفال‏.‏ وأَديم حَلِمٌ وحَلِيم‏:‏ أَفسده الحَلم قبل أن يسلخ‏.‏ والحَلَمَةُ‏:‏ رأْس الثَّدْي، وهما حَلَمتان، وحَلَمَتا

الثَّدْيَيْن‏:‏ طَرَفاهما‏.‏ والحَلَمَةُ‏:‏ الثُّؤْلول الذي في وسط

الثَّدْيِ‏.‏ تَحَلَّم المالُ‏:‏ سمن‏.‏ وتَحَلَّم الصبيُّ والضَّبُّ واليَرْبوع

والجُرَذ والقُراد‏:‏ أقبل شحمه وسَمن واكتنز؛ قال أوس بن حَجَر‏:‏

لحَيْنَهُمُ لَحْيَ العَصا فطرَدْنَهُمْ

إلى سَنةٍ، قِرْدانُها لم تَحَلم ويروى‏:‏ لحَوْنَهم، ويروى‏:‏ جِرْذانها، وأما أَبو حنيفة فخص به الإنسان‏.‏

والحَلِيم‏:‏ الشحم المقبل؛ وأَنشد‏:‏

فإن قَضاءَ المَحْلِ أَهْوَنُ ضَيْعَةً

من المُخِّ في أَنقاءِ كلِّ حَلِيم

وقيل‏:‏ الحَلِيمُ هنا البعير المُقْبِلُ السِّمَنِ فهو على هذا صفة؛ قال ابن سيده‏:‏ ولا أعرف له فعلاً إلاَّ مَزيداً‏.‏

وبعير حَلِيمٌ أي سمين‏.‏

ومُحَلِّم في قول الأعشى‏:‏

ونحن غداةَ العَيْنِ، يومَ فُطَيْمةٍ، مَنَعْنا بني شَيْبان شُرْبَ مُحَلم هو نهر يأْخذ من عين هَجَرَ؛ قال لبيد يصف ظُعُناً ويشبهها بنخيل

كَرَعَتْ في هذا النهر‏:‏

عُصَبٌ كَوارِعُ في خَليج مُحَلم حَمَلَت، فمنها مُوقَرٌ مكْمومُ

وقيل‏:‏ مُحَلِّمٌ نهر باليمامة؛ قال الشاعر‏:‏

فَسِيلٌ دنا جَبَّارُه من مُحَلم وفي حديث خزيمة وذكر السنة‏:‏ وبَضَّت الحَلَمَةُ أَي دَرَّتْ حَلَمةُ

الثدي وهي رأْسه، وقيل‏:‏ الحَلَمةُ نبات ينبت في السهل، والحديثُ يحتملهما، وفي حديث مكحول‏:‏ في حَلَمَةِ ثدي المرأَة رُبع دِيَتِها‏.‏ وقَتيلٌ

حُلاَّمٌ‏:‏ ذهب باطلاً؛ قال مُهَلْهِلٌ‏:‏

كلُّ قتيلٍ في كُلَيْبٍ حُلاَّمْ، حتى ينال القَتْلُ آل هَمّامْ

والحُلامُ والحُلاَّمُ‏:‏ ولد المعز؛ وقال اللحياني‏:‏ هو الجَدْيُ

والحَمَلُ الصغير، يعني بالحمل الخروفَ‏.‏ والحُلاَّمُ‏:‏ الجدي يؤخذ من بطن أُمه؛ قال الأصمعي‏:‏ الحُلاَّمُ والحُلاَّنُ، بالميم والنون، صغار الغنم‏.‏ قال ابن بري‏:‏ سمي الجدي حُلاَّماً لملازمته الحَلَمَةَ يرضعها؛ قال مُهَلْهِلٌ‏:‏

كل قتيل في كليب حُلاَّمْ

ويروى‏:‏ حُلاّن؛ والبيتُ الثاني‏:‏

حتى ينال القتلُ آل شَيْبانْ

يقول‏:‏ كلُّ من قُتِلَ من كُلَيْبٍ ناقصٌ عن الوفاء به إلا آل همام أو

شيبان‏.‏ وفي حديث عمر‏:‏ أنه قَضى في الأَرْنَب يقتلُه المُحْرِمُ بحُلاَّم، جاء تفسيره في الحديث‏:‏ أنه هو الجَدْيُ، وقيل‏:‏ يقع على الجَدْي والحَمَل

حين تضعه أُمّه، ويروى بالنون، والميم بدل منها، وقيل‏:‏ هو الصغير الذي

حَلَّمهُ الرَّضاعُ أي سَمَّنَهُ فتكون الميم أَصلية؛ قال أَبو منصور‏:‏ الأصل

حُلاَّن، وهو فُعْلان من التحليل، فقلبت النونُ ميماً‏.‏ وقال عَرّام‏:‏

الحُلاَّنُ ما بَقَرْتَ عنه بطن أُمه فوجدته قد حَمَّمَ وشَعَّرَ، فإن لم يكن كذلك فهو غَضِينٌ، وقد أَغْضَنَتِ الناقةُ إذا فعلت ذلك‏.‏ وشاة

حَلِيمةٌ‏:‏ سمينة‏.‏ ويقال‏:‏ حَلَمْتُ خَيالَ فلانة، فهو مَحْلُومٌ؛ وأَنشد بيت

الأخطل‏:‏

لا يَبْعَدَنَّ خيالُها المَحْلُوم

والحالُوم، بلغة أَهل مصر‏:‏ جُبْنٌ لهم‏.‏ الجوهري‏:‏ الحالُومُ لبن يغلُط

فيصير شبيهاً بالجبن الرطب وليس به‏.‏ ابن سيده‏:‏ الحالُومُ ضرب من الأَقِط‏.‏ الحَلَمةُ‏:‏ نبت؛ قال الأصمعي‏:‏ هي الحَلَمةُ واليَنَمة، وقيل‏:‏ الحَلَمةُ

نبات ينبت بنَجْدٍ في الرمل في جُعَيْثنة، لها زهر وورقها أُخَيْشِنٌ

عليه شوك كأَنه أَظافير الإنسان، تَطْنى الإبل وتَزِلُّ أَحناكُها، إذا

رعته، من العيدان اليابسة‏.‏ والحَلَمَةُ‏:‏ شجرة السَّعْدان وهي من أَفاضل

المَرْعَى، وقال أَبو حنيفة‏:‏ الحَلَمةُ دون الذراع، لها ورقة غليظة وأفْنانٌ

وزَهْرَةٌ كزهرة شَقائق النُّعْمانِ إلا أنها أكبر وأَغلظ، وقال الأَصمعي‏:‏ الحَلَمةُ نبت من العُشْبِ فيه غُبْرَةٌ له مَسٌّ أَخْشَنُ أَحمر

الثمرة، وجمعها حَلَمٌ؛ قال أَبو منصور‏:‏ ليست الحَلَمَةُ من شجر السَّعْدان في شيء؛ السَّعدانُ بَقْلٌ له حَسَكٌ مستدير له شوك مستدير، والحَلَمةُ لا شوك لها، وهي من الجَنْبةِ معروفة؛ قال الأزهري‏:‏

وقد رأَيتها، ويقال للحَلَمَةِ الحَماطةُ، قال‏:‏ والحَلَمةُ رأْس الثَّدْيِ

في وسط السَّعْدانة؛ قال أَبو منصور‏:‏ الحَلَمةُ الهُنَيَّةُ الشاخصة من ثَدْيِ المرأَة وثُنْدُوَة الرجل، وهي القُراد، وأَما السَّعْدانة فما

أَحاطَ بالقُراد مما خالف لونُه لون الثَّدْيِ، واللَّوْعَةُ السواد حول

الحَلَمةِ‏.‏

ومُحَلِّم‏:‏ اسم رجل، ومن أَسماء الرجل مُحَلِّمٌ، وهو الذي يُعَلم الحِلْمَ؛ قال الأعشى‏:‏

فأَمَّا إذا جَلَسُوا بالعَشِيّ

فأَحْلامُ عادٍ، وأَيْدي هُضُمْ

ابن سيده‏:‏ وبنو مُحَلَّمٍ وبنو حَلَمَةَ قبيلتان‏.‏ وحَلِيمةُ‏:‏ اسم

امرأَة‏.‏ ويوم حَلِيمةَ‏:‏ يوم معروف أحد أَيام العرب المشهورة، وهو يوم التقى

المُنْذِرُ الأَكبر والحَرثُ الأَكبر الغَسَّانيّ، والعرب تَضْرِبُ المَثَلَ

في كل أمر مُتَعالَمٍ مشهور فتقول‏:‏ ما يَوْمُ حَلِيمةَ بِسِرٍّ، وقد

يضرب مثلاً للرجل النابهِ الذِّكْرِ، ورواه ابن الأَعرابي وحده‏:‏ ما يوم

حَلِيمةَ بشَرٍّ، قال‏:‏ والأَول هو المشهور؛ قال النابغة يصف السيوف‏:‏

تُوُرِّثْنَ من أَزمان يومِ حَلِيمةٍ

إلى اليوم، قد جُرّبْنَ كلَّ التَّجارِبِ

وقال الكلبي‏:‏ هي حَليمةُ بنت الحَرِث بن أَبي شِمْر، وَجَّهَ أَبوها

جيشاً إلى المُنْذِرِ بن ماء السماء، فأَخْرجَتْ حليمةُ لهم مِرْكَناً

فطَيَّبتهم‏.‏

وأَحْلام نائمٍ‏:‏ ضرب من الثياب؛ قال ابن سيده‏:‏ ولا أَحقُّها‏.‏

والحُلاَّمُ‏:‏ اسم قبائل‏.‏ وحُلَيْماتٌ، بضم الحاء‏:‏ موضع، وهُنَّ أكمات بطن فَلْج؛ وأَنشد‏:‏

كأَنَّ أَعْناقَ المَطِيِّ البُزْلِ، بين حُلَيْماتٍ وبين الجَبْلِ

من آخر الليل، جُذُوعُ النَّخلِ

أَراد أنها تَمُدُّ أَعناقها من التعب‏.‏ وحُلَيْمَةُ، على لفظ التحقير‏:‏

موضع؛ قال ابن أَحمر يصف إبلاً‏:‏

تَتَبَّعُ أوضاحاً بسُرَّةِ يَذْبُلٍ، وتَرْعَى هَشِيماً من حُلَيْمةَ بالِياً

ومُحَلِّمٌ‏:‏ نهر بالبحرين؛ قال الأخطل‏:‏

تَسَلسَلَ فيها جَدْوَلٌ من مُحَلِّمٍ، إذا زَعْزَعَتْها الريحُ كادتْ تُمِيلُها

الأزهري‏:‏ مُحَلِّمٌ عينٌ ثَرَّةٌ فَوَّارة بالبحرين وما رأَيت عيناً

أكثر ماء منها، وماؤها حارّ في مَنْبَعِه، وإذا بَرَد فهو ماء عَذْبٌ؛ قال‏:‏

وأَرى مُحَلِّماً اسمَ رجل نُسِبَت العينُ إليه، ولهذه العين إذا جرت في نهرها خُلُجٌ كثيرة، تسقي نخيل جُؤاثا وعَسَلَّج وقُرَيَّات من قرى

هَجَرَ‏.‏

حلسم‏:‏ الحِلَّسْمُ‏:‏ الحريص الذي لا يأْكل ما قدر عليه، وهو الحَلِسُ؛ قال‏:‏

ليس بِقِصْلٍ حَلِسٍ حِلَّسْمِ، عند البيوت، راشِنٍ مِقَمِّ

حلقم‏:‏ الحُلْقُوم‏:‏ الحَلْقُ‏.‏ ابن سيده‏:‏ الحُلْقُومُ مَجْرى النَّفَس

والسُّعال من الجوف، وهو أَطْباقُ غَراضِيفَ، ليس دونه من ظاهر باطن

العُنُقِ إلاَّ جِلْدٌ، وطرفُه الأسفل في الرئةِ، وطَرَفُهُ الأعلى في أَصل

عكَدَةِ اللسان، ومنه مخرج النَّفَس والريح والبُصاق والصوت، وجمعه حَلاقِمُ

وحَلاقيم‏.‏ التهذيب قال‏:‏ في الحُلْقُوم والحُنجور مَخْرَجُ النَّفَس لا

يجري فيه الطعامُ والشراب المريء، وتمام الذكاة قطع الحُلْقُوم والمَريء والوَدَجَيْنِ، وقولهم‏:‏

نزلنا في مثل حُلْقُوم النَّعامة، إنما يريدون به الضيق‏.‏ والحَلْقَمةُ‏:‏

قطع الحُلْقُوم‏.‏ وحَلْقَمَه‏:‏ ذبحه فقطع حُلْقومَهُ‏.‏ وحَلْقَمَ التمرُ‏:‏

كَحَلْقَن، وزعم بعقوب أنه بدل‏.‏ الجوهري‏:‏ الحُلُقوم الحلْقُ‏.‏ وفي حديث الحسن‏:‏

قيل له إن الحجاج يأْمر بالجمعة في الأَهْواز فقال‏:‏ يمنع الناسَ في أَمصارهم ويأْمر بها في حَلاقيم البلادِ أي في أَواخرها وأَطرافها، كما أن حُلْقُومَ الرجل وهو حَلْقُه في طَرَفه، والميمُ أصلية، وقيل‏:‏ هو مأْخوذ

من الحَلْقِ، وهي والواوُ زائدتان‏.‏ وحَلاقيمُ البلاد‏:‏ نواحيها، واحدُها

حُلْقُوم على القياس‏.‏ الأَزهري‏:‏ رُطَبٌ مُحَلْقِمٌ ومُحَلْقِنٌ وهي الحُلْقامةُ والحُلقانة، وهي التي بدا فيها النضج من قِبَلِ قِمَعها، فإذا أرطبت

من قِبَلِ الذَّنَبِ، فهي التَّذْنوبةُ‏.‏ وروي عن أَبي هريرة أَنه قال‏:‏

لما نزل تحريمُ الخمر كنا نَعْمِدُ إلى الحُلْقامة، وهي التَّذْنُوبةُ، فنقطع ما ذَنَّبَ منها حتى نَخْلُص إلى البُسْرِ ثم نَفْتَضِخُه‏.‏ أبو عبيد‏:‏

يقال للبُسر إذا بدا فيه الإِرْطابُ من قِبَلِ ذنبه مُذَنِّبٌ فإذا بلغ

الإِِرطابُ نصفَهُ فهو مُجَزِّعٌ، فإذا بلغ ثلثيه فهو حُلْقان

ومُحَلْقِنٌ‏.‏

حلكم‏:‏ الحُلْكُمُ‏:‏ الرجل الأسود، وفيه حَلْكَمةٌ؛ قال هَمَيان‏:‏

ما منهمُ إلاَّ لَئِيمٌ شُبْرُمُ، أَرْصَعُ لا يُدْعَى لخيرٍ، حُلْكُمُ

وهذه الترجمة أوردها ابن بري في ترجمة حلك، قال‏:‏ وأهمل الجوهري من هذا

الفصل الحُلْكُمَ، وهو الأَسود، والميم زائدة‏.‏ الفراء‏:‏ الحُلْكُمُ الأَسود

من كل شيء في باب فُعْلُلٍ‏.‏

حمم‏:‏ قوله تعالى‏:‏ حم؛ الأزهري‏:‏ قال بعضهم معناه قضى ما هو كائن، وقال آخرون‏:‏ هي من الحروف المعجمة، قال‏:‏ وعليه العَمَلُ‏.‏ وآلُ حامِيمَ‏:‏

السُّوَرُ المفتتحة بحاميم‏.‏ وجاء في التفسير عن ابن عباس ثلاثة أقوال‏:‏ قال حاميم

اسم الله الأعظم، وقال حاميم قَسَم، وقال حاميم حروف الرَّحْمَنِ؛ قال الزجاج‏:‏ والمعنى أن الر وحاميم ونون بمنزلة الرحمن، قال ابن مسعود‏:‏ آل

حاميم دِيباجُ القرآنِ، قال الفراء‏:‏ هو كقولك آلُ فُلانٍ كأَنه نَسَبَ

السورةَ كلها إلى حم؛ قال الكميت‏:‏

وَجَدْنا لكم في آلِ حامِيمَ آيةً، نأَوَّلَها مِنَّا تَقِيٌّ ومُعْرِبُ

قال الجوهري‏:‏ وأَما قول العامة الحَوامِيم فليس من كلام العرب‏.‏ قال أبو عبيدة‏:‏ الحَواميم سُوَرٌ في القرآن على غير قياس؛ وأَنشد‏:‏

وبالطَّواسِين التي قد ثُلِّثَثْ، وبالحَوامِيم التي قد سُبِّعَتْ

قال‏:‏ والأَولى أن تجمع بذَواتِ حاميم؛ وأَنشد أَبو عبيدة في حاميم

لشُرَيْحِ بن أَوْفَى العَبْسِيّ‏:‏

يُذَكِّرُني حاميمَ، والرُّمْحُ شاجِرٌ، فهلاَّ تَلا حامِيمَ قبلَ التَّقَدُّمِ

قال‏:‏ وأنشده غيره للأَشْتَرِ النَّخْعِيّ، والضمير في يذكرني هو لمحمد

بن طَلْحَة، وقتله الأَشْتَرُ أَو شُرَيْحٌ‏.‏ وفي حديث الجهاد‏:‏ إذا

بُيِّتُّمْ فقولوا حاميم لا يُنْصَرون؛ قال ابن الأثير‏:‏ قيل معناه اللهم لا

يُنْصَرُون، قال‏:‏ ويُرِيدُ به الخَبرَ لا الدُّعاء لأَنه لو كان دعاء لقال لا

يُنصروا مجزوماً فكأنه قال والله لا يُنصرون، وقيل‏:‏ إن السُّوَر التي

أَوَّلها حاميم لها شأْن، فَنبَّه أن ذكرها لشرف منزلتها مما يُسْتَظهَرُ

به على استنزال النصر من الله، وقوله لا يُنصرون كلام مستأْنف كأنه حين

قال قولوا حاميم، قيل‏:‏ ماذا يكون إذا قلناها‏؟‏ فقال‏:‏ لا يُنصرون‏.‏ قال أبو حاتم‏:‏ قالت العامة في جمع حم وطس حَواميم وطَواسين، قال‏:‏ والصواب ذَواتُ طس

وذَواتُ حم وذواتُ أَلم‏.‏

وحُمَّ هذا الأمرُ حَمّاً إذا قُضِيَ‏.‏ وحُمَّ له ذلك‏:‏ قُدِّرَ؛ قأَما ما أَنشده ثعلب من قول جَميل‏:‏

فَلَيْتَ رجالاً فيكِ قد نذَرُوا دَمِي

وحُمُّوا لِقائي، يا بُثَيْنَ، لَقوني

فإنه لم يُفَسِّرْ حُمُّوا لِقائي‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ والتقدير عندي للِقائي

فحذف أَي حُمَّ لهم لِقائي؛ قال‏:‏ وروايتُنا وهَمُّوا بقتلي‏.‏ وحَمَّ الله له كذا وأَحَمَّهُ‏:‏ قضاه؛ قال عمرو ذو الكلب الهُذَليُّ‏:‏

أَحَمَّ اللهُ ذلك من لِقاءٍ

أُحادَ أُحادَ في الشهر الحَلال

وحُمَّ الشيءُ وأُحِمَّ أَي قُدِّرَ، فهو مَحْموم؛ أَنشد ابن بري

لخَبَّابِ بن غُزَيٍّ‏:‏

وأَرْمي بنفسي في فُروجٍ كثيرةٍ، وليْسَ لأَمرٍ حَمَّهُ الله صارِفُ

وقال البَعيثُ‏:‏

أَلا يا لَقَوْمِ كلُّ ما حُمَّ واقِعُ، وللطَّيْرِ مَجْرى والجُنُوب مَصارِعُ

والحِمامُ، بالكسر‏:‏ قضاء الموت وقَدَرُه، من قولهم حُمَّ كذا أي

قُدِّرَ‏.‏ والحِمَمُ‏.‏ المَنايا، واحدتها حِمَّةٌ‏.‏ وفي الحديث ذكر الحِمام كثيراً، وهو الموت؛ وفي شعر ابن رَواحةَ في غزوة مُؤْتَةَ‏:‏

هذا حِمامُ الموتِ قد صَلِيَتْ

أي قضاؤه، وحُمَّهُ المنية والفِراق منه‏:‏ ما قُدِّرَ وقُضِيَ‏.‏ يقال‏:‏

عَجِلَتْ بنا وبكم حُمَّةُ الفِراق وحُمَّةُ الموت أي قَدَرُ الفِراق، والجمع حُمَمٌ وحِمامٌ، وهذا حَمٌّ لذلك أي قَدَرٌ؛ قال الأَعشى‏:‏

تَؤُمُّ سَلاَمَةَ ذا فائِشٍ، هو اليومَ حَمٌّ لميعادها

أي قَدَرٌ، ويروى‏:‏ هو اليوم حُمَّ لميعادها أَي قُدِّر له‏.‏ ونزل به حِمامُه أي قَدَرُهُ وموتُه‏.‏ وَحَّمَ حَمَّهُ‏:‏ قَصَدَ قَصْدَه؛ قال الشاعر

يصف بعيره‏:‏

فلما رآني قد حَمَمْتُ ارْتِحالَهُ، تَلَمَّكَ لو يُجْدي عليه التَّلَمُّكُ

وقال الفراء‏:‏ يعني عَجَّلْتُ ارتحاله، قال‏:‏ ويقال حَمَمْتُ ارتحال

البعير أي عجلته‏.‏ وحامَّهُ‏:‏ قارَبه‏.‏ وأَحَمَّ الشيءُ‏:‏ دنا وحضر؛ قال زهير‏:‏ وكنتُ إذا ما جِئْتُ يوماً لحاجةٍ

مَضَتْ، وأَحَمَّتْ حاجةُ الغَد ما تَخْلو

معناه حانَتْ ولزمت، ويروى بالجيم‏:‏ وأَجَمَّتْ‏.‏ وقال الأَصمعي‏:‏

أَجَمَّتِ الحاجةُ، بالجيم، تُجِمُّ إجْماماً إذا دنَتْ وحانت، وأَنشد بيت زهير‏:‏

وأَجَمَّتْ، بالجيم، ولم يعرف أَحَمَّتْ،بالحاء؛ وقال الفراء‏:‏ أَحَمَّتْ

في بيت زهير يروى بالحاء والجيم جميعاً؛ قال ابن بري‏:‏ لم يرد بالغَدِ

الذي بعد يومه خاصةً وإنما هو كناية عما يستأْنف من الزمان، والمعنى أَنه

كلَّما نال حاجةً تطلَّعتْ نفسه إلى حاجة أُخرى فما يَخْلو الإنسان من حاجة‏.‏ وقال ابن السكيت‏:‏ أَحَمَّت الحاجةُ وأَجَمَّت إذا دنت؛ وأَنشد‏:‏

حَيِّيا ذلك الغَزالَ الأَحَمَّا، إن يكن ذلك الفِراقُ أَجَمَّا

الكسائي‏:‏ أَحَمَّ الأمرُ وأَجَمَّ إذا حان وقته؛ وأَنشد ابن السكيت

للبَيد‏:‏

لِتَذودَهُنَّ‏.‏ وأَيْقَنَتْ، إن لم تَذُدْ، أن قد أَحَمَّ مَعَ الحُتوفِ حِمامُها

وقال‏:‏ وكلهم يرويه بالحاء‏.‏ وقال الفراء‏:‏ أَحَمَّ قُدومُهم دنا، قال‏:‏

ويقال أَجَمَّ، وقال الكلابية‏:‏ أَحَمَّ رَحِيلُنا فنحن سائرون غداً، وأَجَمَّ رَحيلُنا فنحن سائرون اليوم إذا عَزَمْنا أن نسير من يومنا؛ قال الأَصمعي‏:‏ ما كان معناه قد حانَ وُقوعُه فهو أَجَمُّ بالجيم، وإذا قلت أَحَمّ

فهو قُدِّرَ‏.‏ وفي حديث أبي بكر‏:‏ أن أَبا الأَعور السُّلَمِيَّ قال له‏:‏ إنا

جئناك في غير مُحِمَّة؛ يقال‏:‏ أَحَمَّت الحاجة إذا أَهَمَّتْ ولزمت؛ قال ابن الأثير‏:‏ وقال الزمخشري المُحِمَّةُ الحاضرة، من أَحَمَّ الشيءُ إذا

قرب دنا‏.‏

والحَمِيمُ‏:‏ القريب، والجمع أَحِمَّاءُ، وقد يكون الحَمِيم للواحد

والجمع والمؤنث بلفظ واحد‏.‏ والمْحِمُّ‏:‏ كالحَمِيم؛ قال‏:‏

لا بأْس أني قد عَلِقْتُ بعُقْبةٍ، مُحِمٌّ لكم آلَ الهُذَيْلِ مُصِيبُ

العُقْبَةُ هنا‏:‏ البَدَلُ‏.‏ وحَمَّني الأَمرُ وأَحَمَّني‏:‏ أَهَمَّني‏.‏

واحْتَمَّ له‏:‏ اهْتَمَّ‏.‏ الأَزهري‏:‏ أَحَمَّني هذا الأَمر واحْتَمَمْتُ له

كأنه اهتمام بحميم قريب؛ وأَنشد الليث‏:‏

تَعَزَّ على الصَّبابةِ لا تُلامُ، كأَنَّكَ لا يُلِمُّ بك احْتِمامُ

واحْتَمَّ الرجلُ‏:‏ لم يَنَمْ من الهم؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي‏:‏

عليها فتىً لم يَجعل النومَ هَمَّهُ

ولا يُدْرِكُ الحاجاتِ إلا حَمِيمُها

يعني الكَلِفَ بها المُهْتَمَّ‏.‏ وأَحَمَّ الرجلُ، فهو يُحِمُّ إحْماماً، وأمر مُحِمٌّ، وذلك إذا أخذك منه زَمَعٌ واهتمام‏.‏ واحْتَمَّتْ عيني‏:‏

أَرِقتْ من غير وَجَعٍ‏.‏ وما له حُمٌّ ولا سُمٌّ غيرك أي ما له هَمٌّ غيرُك، وفتحهما لغة، وكذلك ما له حُمٌّ ولا رُمّ، وحَمٌّ ولا رَمٌّ، وما لك عن

ذلك حُمٌّ ولا رُمٌّ، وحَمٌّ ولا رَمٌّ أَي بُدٌّ، وما له حَمٌّ ولا رَمٌّ

أي قليل ولا كثير؛ قال طرفة‏:‏

جَعَلَتْهُ حَمَّ كَلْكَلَها

من ربيعٍ ديمةٌ تَثِمُهْ

وحامَمْتُه مُحامَّةً‏:‏ طالبته‏.‏ أَبو زيد‏:‏ يقال أَنا مُحامٌّ على هذا

الأمر أي ثابت عليه‏.‏ واحْتَمَمْتُ‏:‏ مثل اهتممت‏.‏ وهو من حُمَّةِ نفسي أي من حُبَّتها، وقيل‏:‏ الميم بدل من الباء؛ قال الأزهري‏:‏ فلان حُمَّةُ نفسي

وحُبَّة نفسي‏.‏

والحامَّةُ‏:‏ العامَّةُ، وهي أيضاً خاصَّةُ الرجل من أهله وولده‏.‏ يقال‏:‏

كيف الحامَّةُ والعامة‏؟‏ قال الليث‏:‏ والحَميمُ القريب الذي تَوَدُّه

ويَوَدُّكَ، والحامَّةُ خاصةُ الرجل من أهله وولده وذي قرابته؛ يقال‏:‏ هؤلاء

حامَّتُه أي أَقرِباؤه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ اللهمَّ هؤلاء أهلُ بيتي وحامَّتي

أَذْهِبْ عنهم الرِّجْسَ وطَهِّرْهم تطهيراً؛ حامَّة الإنسان‏:‏ خاصتُه ومن يقرب

منه؛ ومنه الحديث‏:‏ انصرف كلُّ رجلٍ من وَفْد ثَقيف إلى حامَّته‏.‏

والحَمِيمُ القَرابةُ، يقال‏:‏ مُحِمٌّ مُقْرِبٌ‏.‏ وقال الفراء في قوله

تعالى‏:‏ ولا يسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً؛ لا يسأَل ذو قرابة عن قرابته، ولكنهم

يعرفونهم ساعةً ثم لا تَعارُفَ بعد تلك الساعة‏.‏ الجوهري‏:‏ حَميمكَ قريبك

الذي تهتم لأمره‏.‏

وحُمَّةُ الحَرِّ‏:‏ معظمُه؛ وأَنشد ابن بري للضِّباب بن سُبَيْع‏:‏

لعَمْري لقد بَرَّ الضِّبابَ بَنُوه، وبَعْضُ البنين حُمَّةٌ وسُعالُ

وحَمُّ الشيء‏:‏ معظمه‏.‏ وفي حديث عمر‏:‏ إذا التقى الزَّحْفانِ وعند حُمَّةِ

النَّهْضات أي شدتها ومعظمها‏.‏ وحُمَّةُ كل شيء‏:‏ معظمه؛ قال ابن الأَثير‏:‏

وأَصلها من الحَمِّ الحرارة ومن حُمَّةِ السِّنان وهي حِدَّتُه‏.‏

وأَتيته حَمَّ الظَّهيرةِ أي في شدة حرها؛ قال أَبو كَبير‏:‏

ولقد ربَأْتُ، إذا الصِّحابُ تواكلوا، حَمَّ الظَّهيرةِ في اليَفاع الأَطْولِ

الأزهري‏:‏ ماء مَحْموم ومَجْموم ومَمْكُول ومَسْمول ومنقوص ومَثْمود

بمعنى واحد‏.‏ والحَمِيمُ والحَمِيمةُ جميعاً‏:‏ الماء الحارّ‏.‏ وشربتُ البارحة

حَميمةً أي ماء سخناً‏.‏

والمِحَمُّ، بالكسر‏:‏ القُمْقُمُ الصغير يسخن فيه الماء‏.‏ ويقال‏:‏ اشربْ

على ما تَجِدُ من الوجع حُسىً من ماء حَمِيمٍ؛ يريد جمع حُسْوَةٍ من ماء

حارّ‏.‏ والحَمِيمَةُ‏:‏ الماء يسخن‏.‏ يقال‏:‏ أَحَمُّوا لنا الماء أي أَسخنوا‏.‏

وحَمَمْتُ الماء أي سخنته أَحُمُّ، بالضم‏.‏ والحَمِيمةُ أَيضاً‏:‏ المَحْضُ

إذا سُخِّنَ‏.‏ وقد أَحَمَّهُ وحَمَّمَه‏:‏ غسله بالحَمِيم‏.‏ وكل ما سُخِّنَ فقد

حُمِّمَ؛ وقول العُكْلِيِّ أنشده ابن الأَعرابي‏:‏

وبِتْنَ على الأَعْضادِ مُرْتَفِقاتِها، وحارَدْنَ إلا ما شَرِبْنَ الحَمائِما

فسره فقال‏:‏ ذهبتْ أَلْبانُ المُرْضِعاتِ إذ ليس لهن ما يأَكلْنَ ولا ما يشربْنَ إلا أَن يُسَخِّنَّ الماء فيشربنه، وإنما يُسَخِّنَّهُ لئلا

يشربْنه على غير مأْكول فيَعْقِرَ أَجوافهن، فليس لهن غِذاءٌ إلا الماء

الحارُّ، قال‏:‏ والحَمائِمُ جمع الحَمِيم الذي هو الماء الحارُّ؛ قال ابن سيده‏:‏

وهذا خطأٌ لأن فَعِيلاً لا يجمع على فَعائل، وإنما هو جمع الحَمِيمَةِ

الذي هو الماء الحارُّ، لغة في الحَميم، مثل صَحيفةٍ وصَحائف‏.‏ وفي الحديث

أَنه كان يغتسل بالحَميم، وهو الماء الحارُّ‏.‏

الجوهري‏:‏ الحَمّامُ مُشدّد واحد الحَمّامات المبنية؛ وأنشد ابن بري

لعبيد بن القُرْطِ الأَسديّ وكان له صاحبان دخلا الحَمّامَ وتَنَوَّرا

بنُورةٍ فأَحْرقتهما، وكان نهاهما عن دخوله فلم يفعلا‏:‏

نَهَيْتُهما عن نُورةٍ أَحْرقَتْهما، وحَمَّامِ سوءٍ ماؤُه يَتَسَعَّرُ

وأنشد أبو العباس لرجل من مُزَيْنَةَ‏:‏

خليليَّ بالبَوْباة عُوجا، فلا أرى

بها مَنْزِلاً إلا جَديبَ المُقَيَّدِ

نَذُقْ بَرْدَ نَجْدٍ، بعدما لعِبَت بنا

تِهامَةُ في حَمَّامِها المُتَوَقِّدِ

قال ابن بري‏:‏ وقد جاءَ الحَمَّامُ مؤنثاً في بيت زعم الجوهري أنه يصف

حَمّاماً وهو قوله‏:‏

فإذا دخلْتَ سمعتَ فيها رَجَّةً، لَغَط المَعاوِلِ في بيوت هَدادِ

قال ابن سيده‏:‏ والحَمَّامُ الدِّيماسُ مشتق من الحَميم، مذكر تُذَكِّرُه

العرب، وهو أَحد ما جاء من الأسماء على فَعّالٍ نحو القَذَّافِ

والجَبَّانِ، والجمع حَمَّاماتٌ؛ قال سيبويه‏:‏ جمعوه بالألف والتاء وإن كان مذكراً

حين لم يكسَّر، جعلوا ذلك عوضاً من التكسير؛ قال أبو العباس‏:‏ سألت ابن الأَعرابي عن الحَمِيم في قول الشاعر‏:‏

وساغَ لي الشَّرابُ، وكنتُ قِدْماً

أكادُ أَغَصُّ بالماء الحَميمِ

فقال‏:‏ الحَميم الماء البارد؛ قال الأزهري‏:‏ فالحَميم عند ابن الأعرابي من الأضداد، يكون الماءَ البارد ويكون الماءَ الحارَّ؛ وأَنشد شمر بيت

المُرَقِّش‏:‏

كلُّ عِشاءٍ لها مِقْطَرَةٌ

ذاتُ كِباءٍ مُعَدٍّ، وحَميم

وحكى شمر عن ابن الأعرابي‏:‏ الحَمِيم إن شئت كان ماء حارّاً، وإن شئت كان

جمراً تتبخر به‏.‏

والحَمَّةُ‏:‏ عين ماء فيها ماء حارّ يُسْتَشْفى بالغسل منه؛ قال ابن دريد‏:‏ هي عُيَيْنَةٌ حارَّةٌ تَنْبَعُ من الأرض يَستشفي بها الأَعِلاَّءُ

والمَرْضَى‏.‏ وفي الحديث مَثَلُ العالم مثَلُ الحَمَّةِ يأْتيها البُعَداءُ

ويتركها القُرَباءُ، فبينا هي كذلك إذ غار ماؤُها وقد انتفع بها قوم وبقي

أقوام يَتَفَكَّنون أي يتندَّمون‏.‏ وفي حديث الدجال‏:‏ أَخبروني عن حَمَّةِ

زُغَرَ أي عينها، وزُغَرُ‏:‏ موضع بالشام‏.‏ واسْتَحَمَّ إذا اغتسل بالماء

الحَميم، وأَحَمَّ نفسَه إذا غسلها بالماء الحار‏.‏ والاستِحْمامُ‏:‏ الاغتسال

بالماء الحارّ، هذا هو الأصل ثم صار كلُّ اغتسال اسْتِحْماماً بأي ماء

كان‏.‏ وفي الحديث‏:‏ لا يبولَنَّ أَحدُكم في مُسْتَحَمِّه؛ هو الموضع الذي

يغتسل فيه بالحَميم، نهى عن ذلك إذا لم يكن له مَسْلَكٌ يذهب منه البول أو

كان المكان صُلْباً، فيوهم المغتسل أنه أَصابه منه شيء فيحصل منه

الوَسْواسُ؛ ومنه حديث ابن مُغَغَّلٍ‏:‏ أنه كان يكره البولَ في المُسْتَحَمِّ‏.‏

وفي الحديث‏:‏ أن بعضَ نسائه اسْتَحَمَّتْ من جَنابةٍ فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يَسْتَحِمُّ من فضلها أي يغتسل؛ وقول الحَذْلَمِيّ يصف

الإبل‏:‏ فذاكَ بعد ذاكَ من نِدامِها، وبعدما اسْتَحَمَّ في حَمَّامها

فسره ثعلب فقال‏:‏ عَرِقَ من إتعابها إياه فذلك اسْتحمامه‏.‏

وحَمَّ التَّنُّورَ‏:‏ سَجَرَه وأَوقده‏.‏

والحَمِيمُ‏:‏ المطر الذي يأْتي في الصيف حين تَسْخُن الأرض؛ قال الهُذَليُّ‏:‏

هنالك، لو دَعَوْتَ أتاكَ منهم

رِجالٌ مثل أَرْمية الحَمِيمِ

وقال ابن سيده‏:‏ الحَمِيم المطر الذي يأْتي بعد أَن يشتد الحر لأنه حارّ‏.‏

والحَمِيمُ‏:‏ القَيْظ‏.‏ والحميم‏:‏ العَرَقُ‏.‏ واسْتَحَمَّ الرجل‏:‏ عَرِقَ، وكذلك الدابة؛ قال الأَعشى‏:‏

يَصِيدُ النَّحُوصَ ومِسْحَلَها

وجَحْشَيْهما، قبل أن يَسْتَحِم

قال الشاعر يصف فرساً‏:‏

فكأَنَّه لما اسْتَحَمَّ بمائِهِ، حَوْلِيُّ غِرْبانٍ أَراح وأَمطرا

وأنشد ابن بري لأَبي ذؤيب‏:‏

تأْبَى بدِرَّتها، إذا ما اسْتُكْرِهَتْ، إلا الحَمِيم فإنه يَتَبَضَّعُ

فأَما قولهم لداخل الحمَّام إذا خرج‏:‏ طاب حَمِيمُك، فقد يُعْنى به الاستحْمامُ، وهو مذهب أبي عبيد، وقد يُعْنَى به العَرَقُ أي طاب عرقك، وإذا

دُعِيَ له بطيب عَرَقِه فقد دُعِي له بالصحة لأن الصحيح يطيب عرقُه‏.‏

الأزهري‏:‏ يقال طاب حَمِيمُك وحِمَّتُكَ للذي يخرج من الحَمَّام أي طاب

عَرَقُك‏.‏ الحُمَّى والحُمَّةُ‏:‏ علة يسْتَحِرُّ بها الجسمُ، من الحَمِيم، وأما

حُمَّى الإبلِ فبالألف خاصة؛ وحُمَّ الرجلُ‏:‏ أصابه ذلك، وأَحَمَّهُ الله وهو مَحْمُومٌ، وهو من الشواذ، وقال ابن دريد‏:‏ هو مَحْمُوم به؛ قال ابن سيده‏:‏ ولست منها على ثِقَةٍ، وهي أحد الحروف التي جاء فيها مَفْعُول من أَفْعَلَ لقولهم فُعِلَ، وكأَنَّ حُمَّ وُضِعَتْ فيه الحُمَّى كما أن فُتِنَ

جُعِلَتْ فيه الفِتْنةُ، وقال اللحياني‏:‏ حُمِمْتُ حَمّاً، والاسم

الحُمَّى؛ قال ابن سيده‏:‏ وعندي أن الحُمَّى مصدر كالبُشْرَى

والرُّجْعَى‏.‏ المَحَمَّةُ‏:‏ أرض ذات حُمَّى‏.‏ وأرض مَحَمَّةٌ‏:‏ كثيرة الحُمَّى، وقيل‏:‏

ذات حُمَّى‏.‏ وفي حديث طَلْقٍ‏:‏ كنا بأَرض وَبِئَةٍ مَحَمَّةٍ أي ذات

حُمَّى، كالمأْسَدَةِ والمَذْأَبَةِ لموضع الأُسود والذِّئاب‏.‏ قال ابن سيده‏:‏

وحكى الفارسي مُحِمَّةً، واللغويون لا يعرفون ذلك، غير أَنهم قالوا‏:‏ كان من القياس أَن يقال، وقد قالوا‏:‏ أَكْلُ الرطب مَحَمَّةٌ أي يُحَمُّ عليه

الآكلُ، وقيل‏:‏ كل طعام حُمَّ عليه مَحَمَّةٌ، يقال‏:‏ طعامٌ مَحَمَّةٌ إذا

كان يُحَمُّ عليه الذي يأْكله، والقياس أَحَمَّتِ الأرضُ إذا صارت ذات

حُمِّى كثيرة‏.‏

والحُمامُ، بالضم‏:‏ حُمَّى الإبل والدواب، جاء على عامة ما يجيء عليه

الأَدواءُ‏.‏ يقال‏:‏ حُمَّ البعيرُ حُماماً، وحُمَّ الرجل حُمَّى شديدة‏.‏

الأزهري عن ابن شميل‏:‏ الإبل إذا أكلت النَّدى أَخذها الحُمامُ والقُماحُ، فأَما

الحُمامُ فيأْخذها في جلدها حَرٌّ حتى يُطْلَى جسدُها بالطين، فتدع

الرَّتْعَةَ ويَذهَبُ طِرْقها، يكون بها الشهرَ ثم يذهب، وأما القُماحُ فقد

تقدم في بابه‏.‏ ويقال‏:‏ أخذ الناسَ حُمامُ قُرٍّ، وهو المُومُ يأْخذ

الناس‏.‏ الحَمُّ‏:‏ ما اصطَهَرْتَ إهالته من الأَلْيَةِ والشحم، واحدته حَمَّةٌ؛ قال الراجز‏:‏

يُهَمُّ فيه القومُ هَمَّ الحَمِّ

وقيل‏:‏ الحَمُّ ما يَبقى من الإهالة أي الشحم المذاب؛ قال‏:‏

كأَنَّما أصواتُها، في المَعْزاء، صوتُ نَشِيشِ الحَمِّ عند القَلاَّء

الأصمعي‏:‏ ما أُذيب من الأَلْيَةِ فهو حَمٌّ إذا لم يبق فيه وَدَكٌ، واحدتها حَمَّة، قال‏:‏ وما أُذيب من الشحم فهو الصُّهارة والجَمِيلُ؛ قال الأزهري‏:‏ والصحيح ما قال الأصمعي، قال‏:‏ وسمعت العرب تقول لما أُذيب من سنام

البعير حَمّ، وكانوا يسمُّون السَّنام الشحمَ‏.‏ الجوهري‏:‏ الحَمُّ ما بقي من الألية بعد الذَّوْب‏.‏ وحَمَمْتُ الأَليةَ‏:‏ أذبتها‏.‏ وحَمَّ الشحمةَ

يَحُمُّها حَمّاً‏:‏ أَذابها؛ وأَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

وجارُ ابن مَزْرُوعٍ كُعَيْبٍ لَبُونُه

مُجَنَّبَةٌ، تُطْلَى بحَمٍّ ضُروعُها

يقول‏:‏ تُطْلَى بَحمٍّ لئلا يرضعها الراعي من بخله‏.‏ ويقال‏:‏ خُذْ أَخاك

بحَمِّ اسْتِهِ أي خذه بأَول ما يسقط به من الكلام‏.‏

والحَمَمُ‏:‏ مصدر الأَحَمّ، والجمعُ الحُمُّ، وهو الأَسود من كل شيء، والاسم الحُمَّةُ‏.‏ يقال‏:‏ به حُمَّةٌ شديدة؛ وأَنشد‏:‏

وقاتمٍ أَحْمَرَ فيه حُمَّةٌ

وقال الأَعشى‏:‏

فأما إذا رَكِبوا للصَّباحِ

فأَوجُههم، من صدىَ البَيْضِ، حُمُّ

وقال النابغة‏:‏

أَحْوَى أَحَمّ المُقْلَتَيْن مُقَلَّد

ورجل أَحَمُّ بيِّن الحَمَم، وأَحَمَّهُ الله‏:‏ جعله أَحَمَّ، وكُمَيْتٌ

أَحَمُّ بيِّن الحُمَّة‏.‏ قال الأصمعي‏:‏ وفي الكُمْتة لونان‏:‏ يكون الفرس

كُمَيْتاً مْدَمّىً، ويكون كُمَيْتاً أَحَمَّ، وأَشدُّ الخيل جُلوداً

وحوافرَ الكُمْتُ الحُمُّ؛ قال ابن سيده‏:‏ والحمَّةُ لون بين الدُّهْمَة

والكُمْتة، يقال‏:‏ فرس أَحَمُّ بَيِّنُ الحُمَّة، والأَحَمُّ الأَسْود من كل

شيء‏.‏ وفي حديث قُسّ‏:‏ الوافد في الليل الأَحَمِّ أي الأَسود، وقيل‏:‏ الأَحَمّ

الأَبيض؛ عن الهَجَريّ؛ وأَنشد‏:‏

أَحَمُّ كمصباح الدُّجى

وقد حَمِمْتُ حَمَماً واحمَوْمَيْتُ وتَحَمَّمْتُ وتَحَمْحَمْتُ؛ قال أبو كبير الهُذَلي‏:‏

أحَلا وشِدْقاه وخُنْسَةُ أَنْفِهِ، كحناء ظهر البُرمة المُتَحَمِّم‏.‏

وقال حسان بن ثابت‏:‏

وقد أَلَّ من أعضادِه ودَنا له، من الأرض، دانٍ جَوزُهُ فَتَحَمْحَما

والاسم الحُمَّة؛ قال‏:‏

لا تَحْسِبَنْ أن يدي في غُمَّهْ، في قَعْرِ نِحْيٍ أَسْتَثِيرُ حُمَّهْ، أَمْسَحُها بتُرْبةٍ أو ثُمََّهْ

عَنَى بالحُمَّة ما رسَب في أَسفل النِّحيِ من مُسْوَدّ ما رسَب من السَّمن ونحوه، ويروي خُمَّه، وسيأتي ذكرها‏.‏

والحَمَّاءُ، على وزن فَعْلاء‏:‏ الاسْتُ لِسَوادها، صفة غالبة‏.‏ الجوهري‏:‏

الحَمَّاء سافِلَةُ الإنسان، والجمع حُمٌّ‏.‏

والحِمْحِمُ والحُماحِمُ جميعاً‏:‏ الأَسْود‏.‏ الجوهري‏:‏ الحِمْحِمُ، بالكسر، الشديدُ السوادِ‏.‏ وشاةٌ حِمْحِم، بغير هاء‏:‏ سوداء؛ قال‏:‏

أَشَدُّ من أُمّ عُنُوقٍ حِمْحِمِ

دَهْساءَ سَوْداءَ كلَوْن العِظْلِمِ، تَحْلُبُ هَيْساً في الإِناء الأَعْظَمِ

الهَيْسُ، بالسين غير المعجمة‏:‏ الحَلْبُ الرُّوَيْد‏.‏ والحُمَمُ‏:‏

الفَحْمُ، واحدته حُمَمَةٌ‏.‏ والحُمَمُ‏:‏ الرَّماد والفَحْم وكلُّ ما احترق من النار‏.‏ الأَزهري‏:‏ الحُمَم الفَحْم البارد، الواحدة حُمَمَةٌ، وبها سمي الرجل

حُمَمة‏.‏ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال‏:‏ إِن رجلاً أَوصى

بَنيه عند موته فقال‏:‏ إِذا أَنا مُتُّ فأَحْرِ قُوني بالنار، حتى إِذا

صِرْتُ حُمَماً فاسْحَقوني، ثم ذَرُّوني في الريح لعلي أَضِلُّ اللهَ؛ وقال طَرَفَةُ‏:‏

أَشَجاك الرَّبْعُ أَم قِدَمُهْ، أَم رَمادٌ دارِسٌ حُمَمُه‏؟‏

وحَمَّت الجَمْرةُ تَحَمُّ، بالفتح، إِذا صارت حُمَمةً‏.‏ ويقال أَيضاً‏:‏

حَمَّ الماءُ

أَي صار حارّاً‏.‏ وحَمَّم الرجل‏:‏ سَخَّم وجْهَه بالحُمَم، وهو الفحمُ‏.‏

وفي حديث الرَّجْم‏:‏ أَنه أَمَرَ

بيهودي مُحَمَّم مَجْلود أَي مُسْوَدّ الوجه، من الحُمَمَة الفَحْمةِ‏.‏

وفي حديث لقمان بن عاد‏:‏ خُذي مِنِّي أَخي ذا الحُمَمة؛ أَراد سَوادَ

لَونه‏.‏ وجارية حُمَمَةٌ‏:‏ سوداء‏.‏ واليَحْموم من كل شيء، يفعول من الأَحَمِّ؛ أَنشد سيبويه‏:‏

وغير سُفْعٍ مُثَّلٍ يَحامِم

باختلاسِ حركةِ الميم الأُولى، حذف الياء للضرورة كما قال‏:‏

والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسا

وأَظهر التضعيف للضرورة أَيضاً كما قال‏:‏

مهْلاً أَعاذِلَ، قد جَرَّبْتِ مِنْ خُلُقي

أَني أَجودُ لأَقْوامٍ، وإِنْ ضَنِنوا

واليَحْمومُ‏:‏ دخان أَسود شديد السواد؛ قال الصَّبَّاح بن عمرو

الهَزَّاني‏:‏

دَعْ ذا فكَمْ مِنْ حالكٍ يَحْمومِ، ساقِطةٍ أَرْواقُه، بَهيمِ

قال ابن سيده‏:‏ اليَحْمومُ الدخانُ‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ وظِلٍّ من يَحْمومٍ، عَنى به الدخان الأَسود، وقيل أَي من نار يُعَذَّبون بها، ودليل هذا القول

قوله عز وجل‏:‏ لهم من فوقهم ظُلَلٌ من النار ومن تحتهم ظُلَلٌ؛ إِلا أَنه

موصوف في هذا الموضع بشدة السواد، وقيل‏:‏ اليَحْمومُ سُردِق أَهل النار، قال الليث‏:‏ واليَحْمومُ الفَرَس، قال الأَزهري‏:‏ اليَحْمومُ اسم فرس كان

للنعمان بن المنذر، سمي يَحموماً لشدة سواده؛ وقد ذكره الأَعشى فقال‏:‏

ويأْمُرُ للْيَحْمومِ كلَّ عَشِيَّةٍ

بِقَتٍّ وتَعْليقٍ، فقد كاد يَسْنَقُ

وهو يَفْعولٌ من الأَحَمِّ الأَسْودِ؛ وقال لبيد‏:‏

والحارِثانِ كلاهما ومُحَرِّقٌ، والتُّبَّعانِ وفارِسُ اليَحْمومِ

واليَحْمومُ‏:‏ الأَسْود من كل شيء‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ وتسميته بالَيحْمومِ

تحتمل وجهين‏:‏ إِما أَن يكون من الحَميمِ الذي هو العَرَق، وإِما أَن يكون

من السَّواد كما سميت فرس أُخرى حُمَمة؛ قالت بعض نساء العرب تمدح فرس

أَبيها‏:‏ فرس أَبي حُمَمةُ وما حُمَمةُ‏.‏ والحُمَّةُ دون الحُوَّةِ، وشفة

حَمَّاء، وكذلك لِثَةٌ حَمَّاءُ‏.‏ ونبت يَحْمومٌ‏:‏ أَخضرُ رَيَّانُ أَسودُ‏.‏

وحَمَّمَتِ الأَرضُ‏:‏ بدا نباتُها أَخضرَ إِلى السواد‏.‏ وحَمَّمَ الفرخُ‏:‏

طلَع ريشُه، وقيل‏:‏ نبت زَغَبُهُ؛ قال ابن بري‏:‏ شاهده قول عمر بن لَجَإٍ‏:‏

فهو يَزُكُّ دائمَ التَّزَعُّمِ، مِثْلَ زَكيكِ الناهِضِ المُحمِّمِ

وحَمَّم رأْسُه إِذا اسْوَدَّ بعد الحَلْق؛ قال ابن سيده‏:‏ وحَمَّمَ

الرأْسُ نبت شَعَرُه بعدما حُلِق؛ وفي حديث أَنس‏:‏ أَنه كان إِذا حَمَّمَ

رأْسُه بمكة خرج واعتمر، أَي اسْوَدَّ بعد الحلْق بنبات شعره، والمعنى

أَنه كان لا يؤخر العمرة إِلى المُحَرَّمِ، وإِنما كان يخرج إِلى الميقات

ويعتمر في ذي الحِجَّة؛ ومنه حديث ابن زِمْلٍ‏:‏ كأَنما حُمِّمَ شعره

بالماء أَي سُوِّدَ، لأَن الشعر إِذا شَعِثَ اغْبَرَّ، وإِذا غُسِل بالماء ظهر

سواده، ويروى بالجيم أَي جُعل جُمَّةً‏.‏ وحَمَّمَ الغلامُ‏:‏ بدت لحيته‏.‏

وحَمَّمَ المرأَةَ‏:‏ متَّعها بشيء بعد الطلاق؛ قال‏:‏

أَنتَ الذي وَهَبْتَ زَيداً، بعدما

هَمَمْتُ بالعجوز أَن تُحَمَّما

هذا رجل وُلِدَ له ابنٌ فسماه زيداً بعدما كان هَمّ بتطليق أُمِّه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

وحَمَّمْتُها قبل الفراق بِطعنةٍ

حِفاظاً، وأَصحابُ الحِفاظِ قليل

وروى شمر عن ابن عُيَيْنَةَ قال‏:‏ كان مَسْلمَةُ بن عبد الملك عربيّاً، وكان يقول في خُطبته‏:‏ إِن أَقلَّ الناس في الدنيا هَمّاً أَقلُّهم حَمّاً

أَي مالاً ومتاعاً، وهو من التَّحْميمِ المُتْعَةِ؛ وقال الأَزهري‏:‏ قال سفيان أَراد بقوله أَقلُّهم حَمّاً أَي مُتْعةً، ومنه تَحْمِيم المطلَّقة‏.‏

وقوله في حديث عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه‏:‏ إِنه طلق امرأَته

فمتَّعها بخادمٍ سَوْداءَ حَمَّمَها إِياها أَي مَتَّعها بها بعد الطلاق، وكانت العرب تسمِّي المُتْعةَ التَّحْميمَ، وعَدَّاه إِلى مفعولين لأَنه في معنى أَعطاها إِِياها، ويجوز أَن يكون أَراد حَمَّمَها بها فحذف وأَوصَل‏.‏

وثِيابُ التَّحِمَّة‏:‏ ما يُلْبِس المطلِّقُ

المرأَةَ إِذا مَتَّعها؛ ومنه قوله‏:‏

فإِنْ تَلْبَسي عَنّي ثيابَ تَحِمَّةٍ، فلن يُفْلِحَ الواشي بك المُتَنَصِّحُ

الأَزهري‏:‏ الحَمامة طائر، تقول العرب‏:‏ حمامَةٌ ذكرٌ

وحمامة أُنثى، والجمع الحَمام‏.‏ ابن سيده‏:‏ الحَمام من الطير البَرّيُّ

الذي لا يأْلَف البيوت، قال‏:‏ وهذه التي تكون في البيوت هي اليَمام‏.‏ قال الأَصمعي‏:‏ اليَمام ضرب من الحمام برِّيّ، قال‏:‏ وأَما الحمام فكلُّ ما كان

ذا طَوْق مثل القُمْريّ والفاخِتة وأَشباهِها، واحِدته حَمامة، وهي تقع

على المذكر والمؤنث كالحَيّة والنَّعامة ونحوها، والجمع حَمائم، ولا يقال للذكر حَمام؛ فأَما قوله‏:‏

حَمامَيْ قفرةٍ وَقَعا فطارا

فعلى أَنه عَنى قطيعين أَو سِرْبين كما قالوا جِمالان؛ وأَما قول

العَجَّاج‏:‏

ورَبِّ هذا البلدِ المُحَرَّمِ، والقاطِناتِ البيت غيرِ الرُّيَّمِ، قواطناً مكةَ من وُرْقِ الحَمي

فإِنما أَرد الحَمام، فحذف الميم وقلب الأَلف ياء؛ قال أَبو إِسحق‏:‏ هذا

الحذفُ شاذ لا يجوز أَن يقال في الحِمار الحِمي، تريد الحِمار، فأَما

الحَمام هنا فإِنما حذف منها الأَلف فبقيت الحَمَم، فاجتمع حرفان من جنس

واحد، فلزمه التضعيف فأَبدل من الميم ياء، كما تقول في تظنَّنْت تظنَّيْت، وذلك لثقل التضعيف، والميم أَيضاً تزيد في الثقل على حروف كثيرة‏.‏ وروى

الأَزهري عن الشافعي‏:‏ كلُّ ما عَبَّ وهَدَر فهو حَمام، يدخل فيها

القَمارِيُّ والدَّباسِيُّ والفَواخِتُ، سواء كانت مُطَوَّقة أَو غير مطوَّقة، آلِفةً أَو وحشية؛ قال الأَزهري‏:‏ جعل الشافعي اسم الحَمام واقعاً على ما عَبَّ وهَدَر لا على ما كان ذا طَوْقٍ، فتدخل فيه الوُرْق الأَهلية

والمُطَوَّقة الوحشية، ومعنى عبّ أَي شرب نَفَساً نَفَساً حتى يَرْوَى، ولم يَنْقُر الماء نَقْراً كما تفعله سائر الطير‏.‏ والهَدير‏:‏ صوت الحمام كله، وجمعُ

الحَمامة حَمامات وحَمائم، وربما قالوا حَمام للواحد؛ وأَنشد قول

الفرزدق‏:‏

كأَنَّ نِعالَهن مُخَدَّماتٍ، على شرَك الطريقِ إِذا استنارا

تُساقِطُ رِيشَ غادِيةٍ وغادٍ

حَمامَيْ قَفْرةٍ وقَعا فطارا

وقال جِرانُ العَوْد‏:‏

وذَكَّرَني الصِّبا، بعد التَّنائي، حَمامةُ أَيْكةٍ تَدْعو حَماما

قال الجوهري‏:‏ والحَمام عند العرب ذوات الأَطواق من نحو الفَواخِت

والقَمارِيّ وساقِ حُرٍّ والقَطا والوَراشِين وأَشباه ذلك، يقع على الذكر

والأُنثى، لأَن الهاء إِنما دخلته على أَنه واحد من جنس لا للتأْنيث، وعند

العامة أَنها الدَّواجِنُ فقط، الواحدة حَمامة؛ قال حُمَيْد بن ثوْرٍ

الهلالي‏:‏

وما هاجَ هذا الشَّوْقَ إِلاَّ حمامةٌ

دَعَتْ ساقَ حُرٍّ، تَرْحةً وتَرَنُّما

والحَمامة ههنا‏:‏ قُمْرِيَّةٌ؛ وقال الأَصمعي في قول النابغة‏:‏

واحْكُمْ كحُكْمِ فتاة الحيّ، إِذ نَظَرتْ

إِلى حَمامٍ شِراعٍ وارِدِ الثَّمَدِ

هذه زَرْقاء اليمامة نظرت إِلى قَطاً؛ أَلا ترى إلى قولها‏:‏

لَيت الحَمامَ لِيَهْ

إِلى حمامَتِيَهْ، ونِصْفَه قَدِيَهْ، تَمَّ القَطاةُ مِيَهْ

قال‏:‏ والدَّواجن التي تُسْتَفْرَخ في البيوات حَمام أَيضاً، وأَما

اليَمام فهو الحَمامُ الوحشيّ، وهو ضَرْب من طير الصحراء، هذا قول الأَصمعي، وكان الكسائي يقول‏:‏ الحَمام هو البرّيّ، واليمام هو الذي يأْلف البيوت؛ قال ابن الأَثير‏:‏ وفي حديث مرفوع‏:‏ أَنه كان يُعْجبه النظر إِلى الأُتْرُجِّ

والحَمام الأَحْمَر؛ قال أَبو موسى‏:‏ قال هلال بن العلاء هو التُّفَّاحُ؛ قال‏:‏ وهذا التفسير لم أَرَهُ لغيره‏.‏

وحُمَة العقرب، مخففة الميم‏:‏ سَمُّها، والهاء عوض؛ قال الجوهري‏:‏ وسنذكره

في المعتل‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ يقال لِسَمّ العقرب الحُمَّة والحُمَةُ، وغيره لا يجيز التشديد، يجعل أَصله حُمْوَةً‏.‏ والحَمامة‏:‏ وسَطُ الصَّدْر؛ قال‏:‏ إِذا عَرَّسَتْ أَلْقَتْ حَمامةَ صَدْرِها

بتَيْهاء، لا يَقْضي كَراها رقيبها

والحَمامة‏:‏ المرأَة؛ قال الشَّمَّاخ‏:‏

دارُ الفتاةِ التي كُنَّا نَقُولُ لها‏:‏

يا ظَبْيَةٌ عُطُلاً حُسّانَةَ الجيدِ

تُدْني الحمامةَ منها، وهي لاهِيةٌ، من يانِعِ الكَرْمِ غرْبانَ العَناقيدِ

ومن ذهب بالحَمامةِ هنا إِلى معنى الطائر فهو وجْهٌ؛ وأَنشد الأَزهري

للمُؤَرِّج‏:‏

كأَنَّ عينيه حَمامتانِ

أَي مِرآتانِ‏.‏ وحَمامةُ‏:‏ موضع معروف؛ قال الشمَّاخ‏:‏

ورَوَّحَها بالمَوْرِ مَوْرِ حَمامةٍ

على كلِّ إِجْرِيَّائِها، وهو آبِرُ

والحَمامة‏:‏ خِيار المال‏.‏ والحَمامة‏:‏ سَعْدانة البعير‏.‏ والحَمامة‏:‏ ساحة

القصر النَّقِيَّةُ‏.‏ والحَمامةُ‏:‏ بَكَرة الدَّلْو‏.‏ والحَمامة‏:‏ المرأَة

الجميلة‏.‏ والحمامة‏:‏ حَلْقة الباب‏.‏ والحَمامةُ من الفَرَس‏:‏ القَصُّ‏.‏

والحَمائِم‏:‏ كرائم الإِبل، واحدتها حَميمة، وقيل‏:‏ الحَميمة كِرام الإِبل، فعبر

بالجمع عن الواحد؛ قال ابن سيده‏:‏ وهو قول كراع‏.‏ يقال‏:‏ أَخذ المُصَدِّقُ

حَمائِمَ الإِبل أَي كرائمها‏.‏ وإِبل حامَّةٌ إِذا كانت خياراً‏.‏ وحَمَّةُ

وحُمَّةُ‏:‏ موضع؛ أَنشد الأَخفش‏:‏

أَأَطْلالَ دارٍ بالسِّباع فَحُمَّةِ

سأَلْت، فلما اسْتَعْجَمَتْ ثم صَمَّتِ

ابن شميل‏:‏ الحَمَّةُ حجارة سود تراها لازقة بالأَرش، تقودُ في الأَرض

الليلةَ والليلتين والثلاثَ، والأَرضُ تحت الحجارة تكون جَلَداً وسُهولة، والحجارة تكون مُتدانِية ومتفرقة، تكون مُلْساً مثل الجُمْع ورؤوس الرجال، وجمعها الحِمامُ، وحجارتها مُتَقَلِّعٌ ولازقٌ بالأَرض، وتنبت نبتاً

كذلك ليس بالقليل ولا بالكثير‏.‏ وحَمام‏:‏ موضع؛ قال سالم بن دارَة يهجو

طَريفَ بن عمرو‏:‏

إِني، وإِن خُوِّفْتُ بالسِّجن، ذاكِرٌ

لِشَتْمِ بني الطَّمَّاح أَهلِ حَمام

إِذا مات منهم مَيِّتٌ دَهَنوا اسْتَهُ

بِزيت، وحَفُّوا حَوْله بِقِرام

نَسَبهم إِلى التَّهَوُّدِ‏.‏ والحُمَامُ‏:‏ اسم رجل‏.‏ الأَزهري‏:‏ الحُمام

السيد الشريف، قال‏:‏ أُراه في الأَصل الهُمامَ فقُلبت الهاء حاء؛ قال الشاعر‏:‏ أَنا ابنُ الأَكرَمينَ أَخو المَعالي، حُمامخ عَشيرتي وقِوامُ قَيْسِ

قال اللحياني‏:‏ قال العامري قلت لبعضهم أَبَقِيَ عندكم شيءٌ‏؟‏ فقال‏:‏

هَمْهامِ وحَمْحامِ ومَحْماحِ وبَحْباح أَي لم يبق شيء‏.‏ وحِمَّانُ‏:‏ حَيٌّ من تميم أَحد حَيَّيْ بني سعد بن زيد مَناةَ؛ قال الجوهري‏:‏ وحَمَّانُ، بالفتح، اسم رجل‏.‏ وحَمُومةُ، بفتح الحاء‏:‏ ملك من ملوك اليمن؛ حكاه ابن الأَعرابي، قال‏:‏ وأَظنه أَسود يذهب إِلى اشتقاقه من الحُمَّة التي هي السواد، وليس بشيء‏.‏ وقالوا‏:‏ جارا حَمومةَ، فَحَمومةُ هو هذا الملك، وجاراه‏:‏ مالك

بن جعفر ابن كلاب، ومعاوية بن قُشَيْر‏.‏

والحَمْحَمة‏:‏ صوت البِرْذَوْن عند الشَّعِير‏.‏ وقد حَمْحَمَ، وقيل‏:‏ الحَمْحَمة

والتَّحَمْحُم عَرُّ الفرس حين يُقَصِّر في الصَّهيل ويستعين بنفَسه؛ وقال الليث‏:‏

الحَمْحَمة صوت البِرْذَوْنِ دون الصوت العالي، وصَوتُ الفرس دونَ

الصَّهيل، يقال‏:‏ تَحَمْحَمَ تَحَمْحُماً وحَمْحَمَ

حَمْحَمةً؛ قال الأَزهري‏:‏ كأَنه حكاية صوته إِذا طلب العَلَفَ أَو رأَى

صاحبه الذي كان أَلِفه فاستأْنس إِليه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ لا يجيء أَحدُكم يوم

القيامة بفرس له حَمْحَمةٌ‏.‏ الأَزهري‏:‏ حَمْحَم الثورُ إِذا

نَبَّ وأَراد السِّفادَ‏.‏

والحِمْحِمُ‏:‏ نَبْتٌ، واحدتُه حِمْحِمةٌ‏.‏ قال أَبو حنيفة‏:‏ الحِمْحِم

والخِمْخِم واحد‏.‏ الأَصمعي‏:‏ الحِمْحِم الأَسْود، وقد يقال له بالخاء

المعجمة؛ قال عنترة‏:‏

وَسْطَ الديارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمْخِم

قال ابن بري‏:‏ وحُماحِمٌ لون من الصِّبغ أَسود، والنَّسبُ إِليه

حُماحِمِيٌّ‏.‏ والحَماحِم‏:‏ رَيْحانة معروفة، الواحدة حَماحِمَةٌ‏.‏ وقال مرة‏:‏

الحَماحِم بأَطراف اليمن كثيرة وليست بَبرّية وتَعْظُم عندهم‏.‏ وقال مرة‏:‏

الحِمْحِم عُشْبةٌ كثيرة الماء لها زغَبٌ أَخشنُ يكون أَقل من الذراع‏.‏

والحُمْحُمُ والحِمْحِم جميعاً‏:‏ طائر‏.‏ قال اللحياني‏:‏ وزعم الكسائي أَنه سمع

أَعرابّياً من بني عامر يقول‏:‏ إِذا قيل لنا أَبَقِيَ عندكم شيء‏؟‏ قلنا‏:‏

حَمْحامِ‏.‏

واليَحْموم‏:‏ موضع بالشام؛ قال الأَخطل‏:‏

أَمْسَتْ إِلى جانب الحَشَّاك جيفَتُهُ *** ورأْسُه دونَهُ اليَحْمُوم والصُّوَرُ

وحَمُومةُ‏:‏ اسم جبل بالبادية‏.‏ واليَحاميمُ‏:‏ الجبال السود‏.‏

حنم‏:‏ الأَزهري‏:‏ روى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه قال‏:‏ الحَنَمة البومة؛ قال أَبو منصور‏:‏ ولم أَسمع هذا الحرف لغيره، وهو ثِقة‏.‏